السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أسطورة تغيّر المناخ

من المناسب جداً أن تُخطِّط لإجازة طويلة في جزر المالديف، ليس فقط لأنه يمكنك الاستمتاع كثيراً بهذا البلد الرائع، ولكن - وهذا هو الأهم - قد لا توجد هذه الدولة عام 2050.

ببساطة قد تغرق الدولة كما غرقت السفينة تايتانك، ويصبح الحديث عنها في المستقبل مثل الحديث عن قارة أطلانطس الغارقة، فحين يحتفل مواليد 2020 بعيد ميلادهم الثلاثين، ربما لن تكون المالديف على خريطة العالم.

من المناسب أيضاً أن تنتهز جميع الفرص التي يمكنك فيها احتساء فنجان من القهوة، أو قطعة من الشوكولاتة، ذلك أن المستقبل قد يحمل أخباراً غير جيدة بشأنهما، وقد نكون إزاء عالم بلا قهوة، وكوكب بلا شوكولاتة!


من المناسب كذلك أن تجوبَ ما استطعت من الدول في ظل المناخ السائد في العالم الآن، ذلك أن 3 مليارات إنسان سوف يعيشون في مناخٍ شديد الحرارة بحلول عام 2070.


إن قضية المناخ قضية حقيقية، بل هي «أمّ القضايا»، ذلك أن أي تحسين يمكن أن يطرأ بشأن الصحة العامة والتعليم والتحديث والتنمية، يمكن أن يصطدم بالتغير المناخي الذي يجعل الحياة ذاتها غير قابلة للبقاء.

في عام 2020 وفي عدة أيام فقط، وفي أستراليا وحدها، أدت حرائق الغابات إلى نفوق نصف المليار حيوان، وفي عام 2020 وفي عدة أيام أيضاً، وفي كاليفورنيا وحدها دمرت حرائق الغابات خمسة ملايين فدان، ما يعادل كل الأراضي الزراعية في مصر تقريباً.

لقد كانت اتفاقية المناخ في باريس 2015 بمثابة إنجاز حضاري كبير، إذ لا يمكن تصوُّر الحياة بعد أعوام كما كانت طيلة الستة آلاف عام السابقة، وكانت تلك الخطوة الشجاعة نحو العمل على وقف الارتفاع المتزايد لدرجة حرارة الأرض بمثابة الحتمية السياسية، التي يمكنها منع الحتمية التاريخية المتعلقة بتدهور كوكبنا.

كان الرئيس دونالد ترامب يقول: «إن تغير المناخ شيء أسطوري»، وإنه «غير موجود»، وإنه «خدعة باهظة الثمن»، وقد أرجع ترامب حرائق كاليفورنيا إلى أخطاء إدارية للولاية، رغم أن الغابات ضمن الإدارة الفيدرالية، بل إنه ذهب إلى أن ما يجري في العالم هو النقيض، حيث إن حرارة الأرض - برأيه - قد بدأت في البرودة!

ليس ذلك صحيحاً، فبينما كان ترامب يتحدث عن البرودة الأرضية، كانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تعلن أن عام 2020 ضمن الأعوام الأكثر حرارة منذ بدء الرصد عام 1850، كما أن العقد الممتد من عام 2011 إلى عام 2020 هو الأكثر حرارة على مر التاريخ.

في خريف عام 2016 قام جون كيري بزيارة القارة القطبية الجنوبية للإشارة إلى خطر تفكك الجليد وتدهور البيئة في العالم، وفي عام 2021 يعود جون كيري ليستأنف أخطر معركة في العالم اليوم.

إن نجاح جون كيري في مهمته ضد الاحتباس الحراري ليس نجاحاً للسياسة، بل هو نجاح للإنسان، كل الإنسان.