الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

إيران وإسرائيل.. محبة مقبلة

حاولت إيران الضغط على إسرائيل عبر أذرعها في جنوب لبنان وفي غزة، فردَّت إسرائيل على الأذرع بعنف بالغ، ثم تجاوزت الحدود وقامت بعمليات محدودة في العمق الإيراني، آخرها اغتيال محسن فخري زاده، وعادة فإن مثل هذا التصعيد بين الدول ينتهي إلى أمر من اثنين.. الانفجار، أي الحرب، أو الجلوس معاً.

الانفجار غير وارد، فإسرائيل بحاجة إلى غطاء أمريكي قوي، إذا قررت القيام بعملية كبرى ضد إيران، ولن تقدم الإدارة الأمريكية أيّاً كانت مثل هذا الغطاء، فلقد استوعبوا درس العراق، ومن أيام أوباما تحاول الولايات المتحدة الخروج من الأزمات الكبرى بالمنطقة، ويضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لأن تخسر إيران نهائياً لأسباب جيوسياسية تتعلق باقتراب إيران من الحدود الروسية وكذلك من الصين، فضلاً عن تماسها الشديد مع أفغانستان والعراق، فالضغوط الأمريكية على إيران تستهدف في الأخير اجتذابها وليس الاستعداء أو الاستبعاد، وأتصور أن الإيرانيين يعرفون ذلك جيداً، باختصار لن تذهب إسرائيل وحدها إلى إيران بدون الولايات المتحدة.

يبقى الاحتمال الآخر وهو التقارب، دعنا الآن من الخطاب الإعلامي الزاعق بين إيران وإسرائيل، فمثل ذلك قد يكون تغطية على أشياء مضادة، وقد يكون لزيادة كلفة الجلوس معاً، وقد يكون لأهداف أخرى، أتصور أن الهدف الإيراني هو الجمهور العربي، بهدف تصدير الثورة إلى البلاد العربية، إسرائيل ليست الهدف، لكنها مادة لإثارة حماس وتعلق الإنسان العربي بالجمهورية الإسلامية، فيلق القدس ثبت أنه موجه بالأساس نحو الدول العربية، مزايدة عليها وكيد لبعضها.


ونعرف أن أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران، أديرت في بعض مراحل إنهائها لحساب حملة رونالد ريغان، للإطاحة بالرئيس كارتر، خارج البيت الأبيض، لنتذكر أنه في زمن الشاه، كانت العلاقات ودودة بين إيران وإسرائيل.


الرئيس المنتخب جو بايدن قرر أن يعيد التفاوض مع إيران، حول الملف النووي، والواضح أن التفاوض لن يكون ثنائيّاً فقط، بل ستدخل فيه أطراف أخرى من المنطقة، تحديداً المملكة العربية السعودية ودول الخليج، في هذه الحالة سوف تكون إسرائيل حاضرة، مباشرة وليس بالوكالة.

لعبة الشد والجذب بين إيران وإسرائيل تقترب من نهايتها، فإيران بادرت وألزمت وكلاءها علي الحدود الإسرائيلية بالتهدئة التامة والصمت المطبق، رسالة واضحة إلي إسرائيل وإلى الإدارة الأمريكية، لكن هذه التهدئة ليست مجانية، ولا فعلاً في الفراغ، بل لا بد من ردّ مشابه، ثم الجلوس معاً، وأتصور أن ذلك أصبح قريباً.