الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ماذا يجري في ليبيا؟

مع كل دليل يثبت الدور التخريبي لتنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا، ومع تعري الأهداف التركية والقطرية وأطماعهما من وراء التدخل العسكري والأمني غرب ليبيا، يطرح السؤال حول موقف المجتمع الدولي من كل هذا: هل بات عاجزاً أمام التحدي التركي والقطري، أم راضياً عما يحدث أم يصدق فعلاً ترهات تحالف الشر حول المشاركة السياسية والديمقراطية والثورة، وغير ذلك من ستائر الدخان الإخوانية؟

وإن كان المجتمع الدولي يصدق فعلياً هذه الأوهام التي يروج لها التنظيم الإرهابي في ليبيا حول كونه فصيلاً سياسياً (رغم وجود منظومة دولية كاملة في ليبيا تعلم الحجم الشعبي الحقيقي والضئيل جداً لهذا التنظيم)، إذن فما التسمية المناسبة التي يراها المجتمع لما يقوم به هذا التنظيم مستعيناً بأجنبي مُتمثِّلاً في تركيا وقطر، وأخيراً إيطاليا التي أعلنت حكومة السراج أنها بصدد إبرام اتفاقية عسكرية معها، واستخدام ذلك كله في محاولة كسر إرادة الليبيين الحقيقية بقوة السلاح والتحشيد العسكري والعناصر الإرهابية والقوات الأجنبية والمرتزقة، وإن كانت ليبيا وبمساعدة ورعاية القوى الدولية تعقد مسارات للحل السياسي فبماذا يُفسَّر هذا التحشيد العسكري التركي غير المسبوق في غرب ليبيا، إن لم يكن تهديداً للإرادة الليبية الرافضة للإرهاب وحلفائه؟

تلك الإرادة الليبية الحقيقية والخالصة التي عبرت عن نفسها مراراً في الانتخابات، وفي استطلاعات الرأي التي أجرتها البعثة الأممية، ولفظت تنظيم الإخوان الإرهابي ورعاته، وتبلورت في 23 أكتوبر الماضي بتوقيع الاتفاق العسكري الليبي - الليبي وطالب الليبيون بخروج القوات الأجنبية، وتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها.

وبالرغم من ذلك استقبل غرب ليبيا، خلال الشهر الماضي فقط، أكثر من 25 شحنة عسكرية تركية طائرة و5 شحنات أخرى عائمة، علاوة على ما يتدفق من سلاح ومرتزقة عبر الحدود البرية المنفلتة في أقصى الغرب وأقصى الجنوب.

وإذا كانت الأمور السياسية الداخلية للبلاد تدار بمنطق تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا بالقوة في مواجهة الاختيار الحر، والتطويع في مقابل الرفض الشعبي، والاستعانة بقوات أجنبية ضد السيادة الوطنية، فسيقفز السؤال مرة أخرى عن جدوى وجود المجتمع الدولي بممثليه وكياناته وهيئاته، التي تم تشكيلها في الأساس لترعى القيم الإنسانية والأخلاقية، والمبادئ السياسية العليا، والثوابت التاريخية.. ما يحدث في ليبيا يحتاج لإجابات سريعة قبل الفوضى، التي قد تُغرق الجميع.