الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«كُلْيَة برغيف خبز».. واقع سوري

على الرغم من أن السوريين جربوا كل الويلات خلال سنين الحرب، من قتل وتشريد وسلب ونهب، لكنهم اليوم يعيشون أسوأ الأوضاع والأحوال الاقتصادية، وكل ذلك ربما يمكن الصبر عليه على أمل الانفراج القريب لأزمة طالت حتى الآمال بالقتل والدفن، أما أن يصل الأمر حد رغيف الخبز الذي لطالما فخر السوري بأنه ينتجه بيده ومن أرضه، فهذا ما لا يمكن تحمله أو التنازل عنه.
الواقع المؤسف للسوري اليوم هو أن الخط الأحمر قد تم تجاوزه، فالرغيف أصبح في خبر كان، والسوري اليوم جائع، ومما يزيد بؤسه وشقاءه أن الحلول المقترحة من أسياد الأرض التي يخرجونها من جعبهم التي لا تخلو من الرصاص ولا من الحلول لمن لا يملك إلا جسده، ليست إلا شعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع، فبين جعبة الصامدين وجعبة الثائرين ضاع رغيف الخبز وشربة الماء، فالكُلى التي تعمل على تنقية الدماء لن تجد لنفسها عملاً في جسد صامد ما لم يأكل ويشرب، ولا في جسد ثائر لم تدخل فاه لقمة خبز أو قطرة ماء، كما لا حاجة للعيون التي لن ترى سوى الخوف والهلع وطريق الهجرة، فبهدي تلك الشعارات الرنانة يبدو أن السوري فهم الرسالة، بأن الطريق مسدود ولا خيار آخر أمامه سوى بيع ما لا يلزمه، فلا حاجة للصامدين أو الثائرين لكُلى وعيون في أجساد لا تجد رغيف خبز، ما دفعنا إلى الصدمة اليومية أمام التقارير عن بيع الأعضاء في سوريا، لا سيما الكُلى والقرنيات، حتى باتت سوريا سوقاً رائجاً للأعضاء البشرية، فكل ما عليك أن تضع إعلاناً جدارياً يفيد بالحاجة إليها حتى تتهافت عليك العروض على هيئة تبرعات لشرعنتها والتهرب من المساءلة، التي لا تسأل عن السبب الذي دفع هؤلاء لبيع أنفسهم من أجل رغيف خبز.
لا المنع ولا التجريم ولا التهديد القانوني يضع حداً لهذه الجريمة الصامتة، فالحل يكمن في إيجاد مخرج وطني سوري، فهذه الجريمة وحال السوريين البؤساء في ذمة أسياد الأرض المطالبين بإغلاق كتاب البؤس والفناء لوطن وشعب قاب قوسين أو أدنى من أن يصبح مجرد ذكرى، فبإلقاء السلاح والجلوس على الطاولة السورية يبرق الأمل في عيون وعروق السوريين، وبالخبز يحيا السوري يا أسياد الأرض لا بالشعارات.