الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

بريكست.. حلو القرار ومرارته

لم تكن كلمة «بريكست» في يوم الاستفتاء الشهير 23 يونيو 2016، تمثل ما هو عليه الآن من مصطلح يثير القلق في نفوس أكثر المطمئنين على مستقبل الوضع البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، في الأول من العام المقبل.

كانت النتيجة البالغة 51.9% لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي لا تمثل النسبة الحاسمة في نظر كثيرين، والتي تليق بقرار تاريخي من هذا النوع، ذلك أن المؤثرين في موازين القوى الاقتصادية والسياسية كانوا مع بقاء بريطانيا جزءاً من هذا الكيان الهائل الذي بات يمثل قوة توازن في مجالات كثيرة للقطبية الأحادية التي تجسدها الولايات المتحدة.

أهو من المصادفة أو التطور الطبيعي للفكر السياسي أن تكون حكومة محافظين يقودها إدوارد هيث مندفعة نحو فكرة انضمام المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي مع انبثاق فكرة القارة الموحدة في مطلع السبعينات من القرن الماضي، لنجد حكومة محافظين أخرى عام 2015 يقودها ديفيد كاميرون تحمل لواء إجراء استفتاء للانفصال عن وحدة أوروبا الاقتصادية والإدارية والسياسية؟


منذ إعلان نتيجة انتصار معسكر الانفصال وبريطانيا تعيش هذا الهاجس المقلق من استحقاقات يوم الخروج النهائي، فهناك قطاعات اقتصادية وصناعية قامت على أساس هذا التزاوج بين العمل من داخل بريطانيا عبر أذرع أوروبية باتجاه العالم، واليوم بات من الصعب الانتقال الفجائي نحو ترتيبات اقتصادية جديدة لا سيما للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم.


الخيار الديمقراطي في النهاية حاسم، بالرغم من الحركات المعارضة للانفصال عن أوروبا والتي قامت بدعوات واحتجاجات كثيرة تطالب بإجراء استفتاء ثانٍ، لكن بريطانيا بقيت متمسكة بنتائج تقاليدها الديمقراطية التي يقوم عليها البناء السياسي للبلاد.

لم يكن التصويت الديمقراطي قادراً على استيعاب حركة التغيير في المجتمع البريطاني، خاصة بعد هجرة اليد العاملة الأوروبية إليه بكثافة في مجالات البناء والنقل والأشغال الوسيطة، والاختلاط الاجتماعي شهد نمواً لم يكن متوافراً في يوم ما، وأسفر عن تحولات اجتماعية بدأت تنتج وعياً ومفاهيم وعوامل تأثير بعد أكثر من 40 سنة من الوحدة الأوروبية.

أنصار الانفصال كانوا في أغلبيتهم من كبار السن، الذين تموج في رؤوسهم أحلام قديمة ليس لها وجود على أرض الواقع المنفتح على خيارات العالم.. هناك قلق جدي على ترتيبات الوضع الاقتصادي للفرد الواحد والشركات في بريطانيا، لكن هناك أيضاً شعور بإنجاز خطوة تاريخية لها حلاوتها الواضحة.