الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

محدّدات الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء

يعتبر اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء مقابل إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها بين المغرب وإسرائيل، تحوّلاً دبلوماسياً دقيقاً يأتي في سياق عالمي مضطرب على إثر جائحة كوفيد ـ19، وما سينتج عنها من تغيّرات سياسية وقيمية تعصف بكثير من اليقينيات وآثار اقتصادية ومالية وخيمة ستجعل دول العالم، خاصة الفقيرة، تعيش أوضاعاً صعبة قد تكون كارثية على بعض منها.

علينا أن نقرّ أن المغرب قد حصد من هذا الاعتراف ربحاً دبلوماسياً استثنائياً يُوازيه ربح اقتصادي يتمثل في استقطابه لعدد كبير من المشاريع الاستثمارية بالأقاليم الجنوبية تقدّر بالمليارات من الدولارات، أمّا ربحه الدبلوماسي فينحصر في الدور الأمريكي الذي سيؤثّر على المجتمع الدولي، ويحفّزه على الاعتراف بمغربية الصحراء، نظراً لقوة أمريكا في تدبير التوازنات الدولية وتمتّعها بصفة عضو دائم في مجلس الأمن، فضلاً عن أن أغلبية المبعوثين الشخصيين من جنسية أمريكية، كما أنّها عضو في جمعية أصدقاء الصحراء ذات النفوذ القوي في اقتراح مشاريع القرارات التي تقدم لمجلس الأمن.

وإذا كان الأمين العام قد أعلن أن الأمم المتحدة لن تغيّر موقفها من معالجتها لملف الصحراء، فإن هذا الموقف يخدم في نهاية الأمر مقترح المغرب، بوصفها إيّاه «بالواقعية والمصداقية والجدّية» مع تأكيدها الحل السياسي والتفاوضي، ما ينبغي تأكيده أن الجهود الدبلوماسية التي بذلها المغرب في السنين الأخيرة من خلال تنويع الشركاء وانفتاحه الاستراتيجي على إفريقيا مكّنته من عوائد سياسية ودبلوماسية ثمينة، عليه أن يحافظ عليها بالثبات على مواقفه التي طبعها الحياد الإيجابي تجاه الصراعات الدولية والتجاذبات الإقليمية التي شهدها العالم والمنطقة العربية.


أمّا عن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل فهي تختلف عن سابقتها التي حدّدتها اتفاقية أوسلو، باعتبارها هذه المرّة يحكمها سياق عالمي مختلف، وسياق مغربي خاص متمثّل في رؤيته الجديدة لإشكالية النمو ولرهان طيّه لملف الصحراء الذي دام أكثر من 45 عاماً، زيادة على إدراكه الواقعي لإكراهات المستقبل بكلّ أبعادها المعلومة والمجهولة.


لكن هذه العلاقة، لا تعني تنكّر المغرب لمواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية، إذ ما يزال متمسّكاً بحلّ الدولتين، وبأن تكون الدولة الفلسطينية قائمة وعاصمتها القدس الشرقية، ولقد أفاد بلاغ الديوان الملكي المغربي بأن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي «تبقى هي السبيل الوحيد للوصول إلى حلّ نهائي دائم وشامل».

غير أنه، حتى يكون لتجديد هذه العلاقات معنى تاريخي في اتجاه السلام بالمنطقة، يلأم الجرح الفلسطيني الغائر، على إسرائيل أن تتخلّى عن تعنّتها وتبادر بالتراجع عن احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية، وعن سياستها الاستيطانية، ورفع حصارها الخانق على قطاع غزّة.

كما يتعيّن عليها الالتزام اللامشروط بمرجعيات وقرارات الشرعية الدولية بهذه المبادرة وحدها لا غيرها، حتى يكون السلام الذي تدعو إليه إسرائيل واقعاً ملموساً لا يحتمل نكت العهود كما حدث معها في اتفاق أوسلو.