الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المرأة اليمنية.. وتجريف المكتسبات

استطاعت المرأة في اليمن أن تراكم كثير المكاسب الحقوقية والسياسية، بدءا من فترة الستينيات عندما وصلت قيادات يمكن وصفها بالتقدمية إلى سدة الحكم في جنوب اليمن، وشماله بشكل أقل، لكن تلك المكاسب نمت بشكل متزايد واستطاعت المرأة خصوصا في الجنوب، أن تصبح طيارة وجندية وسياسية، كما تسارعت مكاسب النساء في الشمال وتحديدا منذ تولي الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي قيادة الدولة، فالتحقت الفتيات بالمدارس والجامعات قبل أن يصبحن موظفات، واستمر وضع المرأة في التحسن وصولا لإعلان الوحدة بين شطري اليمن في 1990، حيث استفادت النساء من أجواء التعددية السياسية والحزبية والانفتاح الإعلامي.

خلال تلك المرحلة وبفعل الحالة المتقدمة التي كانت الدولة الاشتراكية في الجنوب توليها للمرأة، انعكس ذلك على قوانين دولة الوحدة التي وضعت المرأة في مكانة تليق بها، غير أن ذلك ترافق مع تسرب الأيدولوجيا المعادية لحقوق المرأة عبر بعض الأحزاب والقوى الراديكالية لتتغلل في شمال اليمن وتمتد حتى للمنظومة الثقافية الشعبية في الجنوب، وهو ما ولد حالة صراع بين تيارين أحدهما يدعم حقوق المرأة، والآخر يسعى لتطبيق رؤية رجعية تحجب دورها في الحياة العامة.

وانتهى الصراع السياسي بحرب صيف 94 التي عززت من نفوذ التيارات الراديكالية التي حاولت عكس مكاسب المرأة اليمنية، ولكن هذه المحاولات وجدت مقاومة من الطبقة الثقافية التي كانت قد تشكلت آنذاك على نطاق مؤثر وفاعل في المشهد اليمني.


وقد استطاع التيار المناصر لقضايا المرأة اليمنية، وبروز حركة نسائية نشطة وفاعلة أن تلعب دورا حاسما في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي رعته الأمم المتحدة في العام 2013، وشاركت فيه مختلف القوى السياسية والمدنية، ووضعت فيه مداميك الدستور اليمني الذي منح النساء دورا مهما في بناء الدولة، والمشاركة في الحياة السياسية وإدارة مؤسسات الحكم بنسبة 30 %، في تطور لافت من الصعوبة أن يوجد عادة في بلد معتقد اجتماعيا وشديد المحافظة.


غير أن هذا الانتصار لم يدم طويلا في الواقع، فقد جاء الانقلاب الحوثي بعد قرابة عام ليجرف مكتسبات المرأة اليمنية ويعيدها 100 سنة إلى الوراء من خلال قوانين وممارسات أقرب لما تقوم به «طالبان» في أفغانستان، في الوقت الذي كان صوت بعض الناشطات اليمنيات يندد بغياب المرأة لأول مرة منذ عقدين تقريبا من مقاعد الحكومة.