الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

متى يستحي الفاشلون؟

في تطور الأمم وتقدمها يلعب المجتمع دوراً أهم من الدولة، وتسبق الثقافة السياسة، ويكون الإنسان محور الحركة ومعيار النجاح، حيث تكون منظومة القيم التي يحملها الإنسان العادي مقياساً لما وصل إليه ذلك المجتمع من رقي وحضارة، وما وصلت إليه الدولة من تقدم وازدهار، فيتم قياس الدول بقوة مجتمعاتها، وتقاس المجتمعات بتماسك منظومات القيم التي يحملها أفرادها، سواء أكانت هذه القيم فردية مثل الصدق والأمانة والنزاهة، أو جماعية مثل النظام واحترام القانون.

وإذا نظرنا إلى المجتمعات العربية منذ بداية هذا القرن سنجد أن عملية تغيير النظم السياسية؛ سواء بالتدخلات الخارجية كما حدث في العراق مع الغزو الأمريكي 2003، أو بالانتفاضات الشعبوية العفوية، التي قادت إلى تفكيك الدولة العربية، وانهيارها.

هنا ظهر نوع جديد من البشر أطلق عليه المفكر الإنجليزي كولن ويلسون “اللامنتمي” في كتاب حمل نفس العنوان نشره عام 1956، هذا الإنسان اللامنتمي صار قائداً اجتماعيا وثقافياً وإعلامياً، وناشطاً سياسياً، ومناضلاً ثورياً.


هذه الكائنات اللامنتمية سواء أكانت أفراداً أم أحزاباً أم جماعات، جميعها بلا استثناء فشلت في البناء بعد التدمير، فشلت في التركيب بعد التفكيك، فشلت في إيجاد البدائل بعد قرن من نقد الأخرين، واتهامهم بجميع أنواع التهم كما فعلت جماعة الإخوان، فشلت في أن تطبق في أرض الواقع كل الشعارات والدعاوى والأحلام التي خدرت بها الأتباع والأنصار والمتعاطفين، ورغم كل ذلك الفشل إلا أن ذلك الكائن اللامنتمي مملوء بالكبر والغرور والغطرسة؛ يرفض أن يعترف بالفشل، ويرفض أن ينظر للوراء ويراجع ما فعل، ويرفض أن يكون في فكره أو فعله تقصير، لأنه هو العالم الخطير، والمفكر النحرير، وحيد دهره وفريد عصره، لكنه حالة بائسة من فشل المغرورين المتكبرين.


وهنا يكون الطريق الوحيد هو التقدم للأمام على جثث الضحايا، والتضحية بالإنسان والمجتمع والقيم والدين للحفاظ على ماء الوجه، أو المحافظة على الكبرياء المغرور، حالة من التوحش الإنساني المتجبر، الذي يحرق مجتمعات كاملة من أجل إثبات أن مجموعة من البشر كانت على صواب، ولم تخطئ التفكير والتخطيط أو التنفيذ، ينهار المجتمع ويتم تدميره حجر على بشر لكيلا تعترف هذه الكائنات اللامنتمية أنها فشلت.

هذا هو التفسير الأقرب للحقيقة لواقع جماعة الإخوان في مصر والسودان وتونس وليبيا وغيرها، فشل ذريع في تحقيق أبسط الأهداف التي وضعتها لذاتها، ولكن الفاشلون لا يعترفون بفشلهم حتى لا تضيع حظوتهم ومكانتهم ومحاسبهم.