الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أردوغان.. وأعداء أمريكا

قرَّرت الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على تركيا بموجب قانون أمريكي يعاقب أعداءها عندما يتَّخذون خطوات سياسية وعسكرية تهدد أمنها ومصالحها.. الخطوة المستهدفة من طرف واشنطن هي حيازة الجيش التركي على المنظومة الدفاعية الروسية (إس 400) في الوقت الذي لا تزال تركيا تحتفظ فيه بعضويتها داخل منظومة الحلف الأطلسي.

يمكن اعتبار هذا القرار الأمريكي قرار الستين ثانية الأخيرة في ولاية دونالد ترامب، فعندما اشترت تركيا هذه المنظومة الروسية ارتفعت أصوات أوروبية تندد بهذا الخيار العسكري وتعتبره اختراقاً روسياً لسلاح الحلف الأطلسي وإضعافاً لقدراته الدفاعية، وقامت اتصالات على أعلى مستوى أمريكي ـ أوروبي للبحث عن صيغة للتعامل مع هذا الوضع الجديد، الذي قد ينسف من الداخل قدرات الحلف على مواجهة الأخطار الخارجيَّة.

وبالرغم من معارضة صوريَّة للرئيس ترامب إلا أنه لم يتخذ الإجراءات الضرورية لإقناع القيادة التركية بالعدول عن هذا القرار الخطير. وكان كلما حُشر في الزاوية من طرف الإعلام الأمريكي وضع مسؤولية هذه التطورات الخطيرة على عاتق إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وإرثه الدبلوماسي، الذي أغلق الأبواب أمام مطالب تركية للحصول على أسلحة أمريكية متطورة، وكان الانتقام التركي أن توجه إلى صفقة مع روسيا، وعقد تحالفات هجينة تضع على المحك سيرورة منظومة الدفاع الأطلسية.


اليوم، تقف تركيا أردوغان أمام فوهة مدافع نظام عقوبتين، الأولى: أمريكية بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الروسية، والثانية: أوروبية بسبب سياسة أردوغان الابتزازية والاستفزازية تجاه دول الاتحاد الأوروبي، لذلك يتوقع المراقبون أن تعيش القيادة التركية مرحلة عسيرة مع وصول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض، الذي كان توعد بأن سيعمل كل ما في وسعه لإسقاط الرئيس أردوغان بطريقة ديموقراطية خلال الانتخابات الرئاسية التركية لعام 2023، ما يعكس حجم العتاب الأمريكي لتركيا.


خروج الولايات المتحدة من مقاربتها الرمادية التي اتّبعها ترامب اعتقاداً منه من أن أردوغان سيُعقّد اللعبة الروسية في المنطقة، ستساعد الأوروبيين في حوارهم الصارم والرادع مع القيادة التركية.. ومن ثم تفهم خلفية إرجاء فرض عقوبات شاملة على تركيا قمة الاتحاد الأوروبي في مارس المقبل.. وكأن الأوروبيين ينتظرون تسلم إدارة بايدن مقاليد السلطة في العشرين من شهر يناير المقبل، قبل الدخول في صلب حوار جاد ورادع مع تركيا.