الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الشورى في عُمان

يمثِّل النظامُ الأساسي أو الدستور القانونَ الذي يحدد القواعد الأساسية للدولة من حيث شكلها، ونظام حكمها وتنظيم سلطاتها التشريعية والرقابية والتنفيذية؛ ولهذا فإن الدول تسن هذه الأنظمة وفق محددات أساسية ومبادئ ذات أبعاد سياسية وحضارية قائمة على مبدأ التشاركية بين الحكومة والشعب، بحيث يكون هذا النظام وثيقة صون للوطن وأرضه ونسيجه ومكتسباته من ناحية، وتعزيزا للحقوق والواجبات وحفاظاً على الحريات العامة وترسيخاً لمبادئ السلام والاستقرار من ناحية أخرى.

ولقد أكدت سلطنة عمان من خلال نظامها الأساسي تلك المحددات والمبادئ، من خلال سن القوانين والتشريعات التي تحمي تلك الحقوق والواجبات، وتؤسس أنظمة التشارك ومبادئ السلام بين أفراد المجتمع والحكومة، الأمر الذي أسس لعمان مكانتها الإقليمية والعالمية.

ولأن عُمان تمر في نهضتها الحديثة المتجددة بالعديد من المتغيرات والمستجدات القائمة على رؤية مستقبلية طموحة، فإن إصدار النظام الأساسي الجديد يكشف عن تلك الرؤية الواثقة من النواحي السياسية والحضارية والعلمية؛ ذلك لأن النظام يرتكز على محددات وطنية وآفاق مستقبلية عالمية.


ولأهمية الشورى في سلطنة عمان، ومكانتها الحضارية، فإن النظام الأساسي الصادر بتاريخ 11 يناير 2021 يؤكد أهمية (مجلس عمان) ومشاركته الفاعلة في الجوانب التشريعية والرقابية بغرفتيه (مجلس الدولة، ومجلس الشورى)، كما تم إصدار قانون مجلس عمان بما يعزز مكانته في الدولة العصرية القائمة على مبدأ الشورى.


إن مسيرة الشورى بوصفها مبدأ أساسياً من مبادئ الحكم في سلطنة عمان قديمة قدم الدولة العمانية، ولعل جلالة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - جعل منه كياناً مؤسسياً بتأسيس المجلس الاستشاري للدولة في عام 1981، وإنشاء مجلس الشورى في العام 1991، وصولاً إلى إنشاء مجلس عمان في عام 1997، بحيث يشمل غرفتين هما (مجلس الدولة بأعضاء معَّنين)، و(مجلس الشورى بأعضاء منتخبين)، وكلهم من ذوي الخبرات، أهل العلم وذوي الاختصاص، ليسهم مجلس عمان بذلك في تنفيذ استراتيجية التنمية الشاملة وخدمة الصالح العام للدولة.

ولهذا، فإن إصدار قانون مجلس عمان الذي ينظم اختصاصاته وشؤون أعضائه ودوره في التنمية الحضارية في السلطنة، يعبر عن مكانة الشورى في التاريخ العماني المعاصر، وترسيخ مبدأ المشاركة وتمكين الشعب العماني من إبداء رأيه وتقديم مقترحاته التنموية والتشريعية عن طريق هذا المجلس، بحيث يكون شريكاً دائماً وأساسيّاً في بناء وطنه.