الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أهمية المصالحة الخليجية

منطقة الخليج العربي من أهم المناطق الاستراتيجية في العالم، ليس فقط من حيث الموقع، ولكن أيضاً من حيث الثروات الحيوية كالنفط والغاز، لذلك ظلّت على الدوام محطَّ أطماع القوى العظمى في العالم قديماً وحديثاً.

ففي القديم كان الصراع عليها بين الفرس والروم، ثم بعد ذلك بين القوى الاستعمارية الحديثة كالهولنديين والبرتغاليين والبريطانيين، ثم الأمريكيين والروس منذ سبعينات القرن العشرين، والآن هناك قوى إقليمية تتكالب عليها.

إن الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي هي التي دفعت ضابط البحرية البريطاني أرنولد ولسون إلى القول: «إنه لا يوجد خليج في العالم منذ القِدم حتى اليوم يثير اهتمام الجيولوجيين وعلماء الآثار والاستراتيجيين مثل الخليج العربي».


ولكن رغم أطماع القوى الدولية والإقليمية، ظلت دول الخليج العربية منذ عقود نموذجاً للاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، وظل مجلس التعاون الخليجي مثالاً للتكتلات العربية الناجحة، فيما فشلت الاتحادات العربية الأخرى، ولم تعد موجودة إلا في أذهان الشعوب.


ومنذ إنشائه في أبوظبي سنة 1981م، ظل مجلس التعاون الخليجي ينتهج سياسة الحكمة والاعتدال والتوازن بين المصالح المختلفة لدوله وشعوبه، لكن الصدع الذي ألمَّ به منذ سنة 2017 أخَّر مسيرته وتقدمه، فجاءت قمة العُلا بالسعودية لإعادة القطار إلى سِكَّته لتحقيق الأهداف التي أُسِّس عليها المجلس.

لقد جاءت المصالحة في وقت مناسب، إذ أصبحت بعض الدول الأجنبية الإقليمية تهدد أمن الدول العربية الخليجية؛ إحدى هذه الدول، وهي إيران، أصبحت تحث الخُطى وتجد السير نحو امتلاك السلاح النووي عن طريق زيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% أو أكثر، وإنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بل التلويح بطرد مفتشيها في 21 فبراير المقبل.

ومع تسلُّم الديمقراطيين للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، تبرز مخاوف من أن ينتهج الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن سياسة سلفه باراك أوباما في إطلاق العنان لإيران في المنطقة، والسماح لها بتطوير أسلحتها الصاروخية، وصناعة السلاح النووي، واستمرارها في التدخل في الشؤون العربية.

لذلك آن لدول الخليج العربية أن تنتبه لهذه المخاطر، وتنبذ خلافاتها من أجل مصالحها العليا، والأمل معقود في أن تسد المصالحة الأخيرة الطريق أمام كثير من المخاطر التي تواجه المنطقة العربية، وتهدد أمنها واستقرارها.