الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

العالم.. والمنعرج الخطير

حقاً، لقد غيرت جائحة فيروس كورونا العالم أجمع، ولن يعود كما كان أبداً، وحتى لو تمكنّا من التعايش معها، إلا أن إغلاق حدود الدول، وإيقاف السفر الجوي والسياحة، واضطراب التجارة العالمية، وتعثّر حركة سلاسل الإمداد، من المرجح أن تؤدي إلى المزيد من القيود الصارمة لمنع تدفق البضائع والسلع والحدّ من حركة البشر، وقدرتهم على تناقل المعلومات بصفة مباشرة.

في هذا الوقت، يتطلب تزايد المشكلات والتحديات العالمية بما فيها التعامل مع جائحة كورونا والتغير المناخي، تعزيز التعاون الدولي، ثم إن الهجرات واسعة النطاق والنزوح السكاني في مناطق الحروب والصراعات، والفقر والتدهور البيئي أدت جميعاً إلى إحداث تغيير عميق في تركيبة المجتمعات حول العالم، وأسهمت كل هذه الظواهر في إبراز ضرورات التنسيق وتوحيد الجهود الدولية من أجل ضمان استمرار حياة البشر.

كل يوم يزداد عدد علماء السياسة، الذين يتحدثون عما يسمونه المنعطف اليساري «left turn»، الذي يشير إلى ضرورة تقوية دور الدول لمكافحة الجوائح والكوارث الطبيعية، وتأمين مساعدة الحكومات المركزية لأكثر شرائح السكان فقراً، وإلى أرباب المشاريع الصغيرة الذين يعانون أكثر من غيرهم.


وفي الوقت الراهن، تتجه اهتمامات الصحافة العالمية للتركيز على الأحداث التي تشهدها واشنطن بعد أن حاول حشد من المتظاهرين احتلال الكونغرس، وسارعت الصحافة الأمريكية لاختصار المشكلة كلها في شخصية الرئيس دونالد ترامب، وأطالت الحديث حول ضرورة معاقبته وتنظيم حملة لقمع مناصريه.


ووفقاً للضجيج المناهض لترامب، فإن القرار غير المسبوق الذي اتَّخذه أصحاب مواقع الشبكات الاجتماعية الشهيرة بحجب حساباته الشخصية من منصاتهم أثار كثيراً من اهتمام وسائل الإعلام، فهذه الظاهرة تعتبر شاهداً على حدوث تحوّل عميق يمكن أن يشكل خطراً على مصير العالم بأكمله.

ونحن نتكلم هنا عن حقيقة تفيد بأن أصحاب عدة مواقع على شبكات التواصل الاجتماعي، والذين لم يقم أحد بانتخابهم على الإطلاق، يمكنهم أن يكمموا فم رئيس الولايات المتحدة الحالي من دون أي محاكمة، وبمعنى آخر يمكن القول: إن هذه الحفنة من الناس وضعت نفسها فوق سلطة الحكومة وسمحت لنفسها بإصدار الأحكام النهائية في قضايا حساسة.

وكلنا نعلم بأن عدة شركات إلكترونية أمريكية عملاقة مثل: أمازون وأبل وغوغل ومايكروسوفت وفيسبوك أصبحت تتمتع بتأثير فعّال على السلطة الحاكمة، ولم تعد قيمة شركاتهم السوقيّة تُقدّر بمليارات الدولارات، بل إنها وصلت إلى ما بين 1.5 و2 تريليون دولار، وبهذا أصبحت كأنها حكومات يمكنها التحكم بمصير العالم.