الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الحاجة لرؤية عالمية

لا شك في أنه بتأدية السيد جو بايدن لليمين الدستورية سوف تفتتح مرحلة جديدة في العلاقات الدولية بسبب ما عُرف عنه من ميل للدبلوماسية والسلوك المهذّب، ولكن هل يفتح عهده عصراً جديداً؟

أضحى هذا السؤال مثاراً لخلاف شديد بسبب الحال التي بلغها الفاعلون الاقتصاديون العالميون من خلال علاقاتهم مع المؤسسات السياسية، ولقد قُدّر للعلاقة القديمة القائمة بين هذين القطبين أن تنعكس عليها، مثلما شاهدنا عندما تم إسكات دونالد ترامب من طرف صاحب موقع تويتر.

هذا ينطبق تماماً على الشركات الخمس الكبرى العملاقة غوغل، أبل، فيسبوك، أمازون ومايكروسوفت، التي يشار إليها اختصاراً بالأحرف الأولى لأسمائها (GAFAM)، والتي لا تبدي أي اهتمام على الإطلاق بفرض القيود التي تعرقل طريقة تعاملها مع جميع القارات، بل إنها تستهزئ بمطالب المؤسسات المتعاملة معها بفرض ضرائب عادلة على خدماتها، وتتجاهل أي قيود ترمي إلى التضييق على مصالحها الخاصة، ولا تتورع عن السعي الحثيث لاستخدام رؤساء الدول والوزراء بشكل متزايد كوكلاء لها، بحيث تستغل سلطتهم وقوة تأثيرهم من أجل تأمين وصولها إلى الأسواق والموارد العالمية.


ويمكن تفسير هذا التطور بأنه نتيجة لتركيز رأس المال في الأعمال التجارية الأضخم، وانتهاء الصراعات ذات الخلفيات الأيديولوجية على المستوى العالمي، وهكذا أصبحت المنافسة تقتصر على تحقيق الانتصار في السباق على ابتداع التكنولوجيات الجديدة، وتأمين الوصول إلى الخامات المعدنية للدول الغنية بها من ناحية أخرى.


بحسب ما نفهمه حتى الآن، يمكننا القول: إن السيد جو بادين شخص مقتدر ومحترم، ولا يمكن لنواياه الحسنة أن تكون موضع شك أو تساؤل أبداً، ولا يبقى إلا أن نرى كيف سيتمكن من كبح جماح «الأشرار» داخل وخارج بلده؟

وسيكون علينا أن ننتبه إلى أن «شعبويّة» ترامب لم تتلاشَ بعد، فلقد قذف القرن الـ21 لواجهة الأحداث بعدد من القادة الذين عبّروا عن غضب وإحباط شريحة كبيرة من مؤيديهم، وللأنانيّة الوطنية قصيرة النظر اليد العليا في إثارة القلق المتعلق بمستقبل كوكبنا.

يأتينا المثال الواضح عما يحدث من خلال الانتخابات التي تشهدها أفريقيا، والتي تستحق السخرية والاستهزاء، كتلك التي تجري من غينيا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى إلى أوغندا، وكلها تعكس في خلفياتها الصراعات الدائرة وراء الكواليس من أجل وصول الشركات العالمية إلى الموارد المعدنية أو مصادر الطاقة لتلك البلدان.

الشيء ذاته يمكن أن يقال حول الأزمات البارزة التي تعاني منها دول وشعوب آسيا وأمريكا الجنوبية، وليس ثمة شيء جديد فيما يحدث باستثناء أن التقدم التكنولوجي يمكن أن يتم توجيهه بشكل أفضل نحو معالجة التحديات الكبرى التي تواجه كوكبنا.

إن عودة الولايات المتحدة للانضمام لمعاهدة باريس حول المناخ باعتبارها القرار الأول الذي سيتخذه الرئيس المنتخب جو بايدن، لهو فأل حسن وأمنية طيبة بشرط أن تتبعها خطوات جريئة ضرورية لتصحيح الانحراف الحالي في المسار.