الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

العراق.. وأعداء الدولة

كل ما تطمح إليه حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي هو: عودة هيبة الدولة واستعادة دور مؤسساستها، بما يخدم العراقيين على مختلف توجهاتهم الدينية والقومية وكذلك الحزبية، هذا على الأقل ما صرح به الرجل منذ 7 مايو 2020، تاريخ توليه سدة السلطة التنفيذية، وخاصة أن منصب رئاسة الحكومة هذه المرة على وجه التحديد لم يكن على مزاج بعض الدول، بعد رضوخ البيت الشيعي والقوى السياسية وإجبارها على سماع صوت الشعب المنتفض، خصوصاً في المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية واختيار شخصية مقبولة إلى حدّ ما بين أوساط العراقيين.
من غير المنطقي مطالبة الكاظمي بمواجهة الميليشيات النافذة في الداخل العراقي عسكريّاً، لأن ذلك بالضرورة ستكون نتائجه كارثيَّة على العراقيين، لما تملكه هذه العناصر من دعم لوجيستي كبير تحصل عليه من أطراف أجنبية، ولكن هذا لا يعني أبداً استسلام الحكومة العراقية بشكلها الحالي، لعبث هذه الميليشيات وتهديها أمن واستقرار العراق، ولذلك لا بد من مواجهة أعداء الدولة العراقية، ولا يكون ذلك إلا من خلال أمر واحد فحسب، ألا وهو حصر السلاح بيد الدولة العراقية وحدها، والعمل لإنجاز هذه الخطوة سريعاً من خلال الاستفادة من المزاج الأمريكي الرافض مطلقاً لدور هذه الميليشيات وعبثها واستهدافها القوات الأمريكية في الداخل العراقي، وإقناع الكتل السياسية العراقية بأن أي سلاح خارج إطار المؤسسسة العسكرية من شأنه ضرب وحدة العراق، وبقاء الساحة مفتوحة على احتمال ردات فعل كبيرة، قد يستغلها تنظيم داعش بتحريض بعض الشباب الممتعض من هذا السلاح، وتجنيده لصالح أعتى تنظيم إرهابي في العالم والقيام بعمليات «انتحارية»، سيكون المدنيون العراقيون أول ضحاياها، ولا شك أن ما حدث في العاصمة العراقية بغداد مؤخراً بتفجيري الشرقاط يُنذر بذلك.
واقع الأمر العراقي يقول: إن هذا السلاح ووجوده منفلتاً، هما اللذان يجعلان البلاد تحت سطوة الفوضى التي تعتاش عليها الميليشيات الرافضة لمفهوم الدولة بنموذجها الحديث، لأنّه ما أن يُصبح العراق دولة ذات سيادة بجيش قوي تعود مرجعيته إلى قائد واحد، بعيداً عن التجاذبات الطائفية والسياسية حتى تلفظ كل العناصر التي وضعت ذاتها في مواجهة الدولة أنفاسها الأخيرة، عندها يمكن القول: إن العراق يسير في الاتجاه الصحيح، وما دون ذلك يبقى تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.