الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الكفاءات العربية.. هوية المكان

ترسل الدول العربية إلى الجامعات في الولايات المتحدة وأوروبا بعثات لتحصيل الشهادات العليا من دون انقطاع، وربما تتساوى دول غنية الموارد مع دول متواضعة الإمكانات في استمرار إرسال الطلبة لنيل شهادات، في تخصصات يكاد يكون بعضها نادراً وبالغ الأهمية.

يعود الطلبة ليكونوا أعضاء في هيئات تدريسية في الجامعات العربية، وبعضهم يلتحق بمشاريع صناعية وزراعية وطبية، وفي ذلك إثراء لعوامل التنمية والبناء، لكن مسار عمل أصحاب الدرجات العلمية لا يسير غالباً في المنهج التطوري ذاته لما انطلق منه عبر الدراسات المتخصصة، التي كانت بدايتها جامعات عالمية كبيرة.

وهنا تحدث انقطاعات في استخدام الخبرات المكتسبة لتطوير أي مجال في الواقع الإنمائي العربي بسبب معوقات كثيرة، أبرزها وقوع الكفاءات العلمية في أوساط عمل لا تتيح لهم حرية الإبداع والابتكار، وربما تفرض عليهم مسارات عادية مليئة بالتكرار واجترار المسارات القديمة، والتي من المفترض أن العقول العلمية التي اكتسبت خبراتها من الخارج قد تجاوزتها، وتطمح إلى تغيير نسق عمل المؤسسات والمصانع وابتكار الحلول، وليس العودة إلى مسارات باتت خاطئة في سياق التقدم التكنولوجي الحديث.


هذا جزء من مشكلات طالما أصابت بعض الكفاءات بالإحباط والركود والاضطرار إلى العمل تحت سقف خفيض من الطموح، لأن المعوقات أكبر من أن تتمكن الجهود الفردية من اجتيازها.


من الممكن أن يسهم القطاع الخاص في تبني الكفاءات العلمية ذات الخبرات المكتسبة في الخارج لكي تتطور مجالات متعددة، وهذا مطلوب من حيث الحاجة إلى تنويع مصادر رفد المجتمع بالطاقات الدافعة له إلى الأمام، لكن في الوقت ذاته هناك وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية لها إمكانات مالية واعتبارية كبيرة لا يجوز أن يصيبها الضمور والضعف بسبب عدم مجاراة أنساق البناء الحديث.

العرب في حاجة إلى مراجعة أولويات القطاعات الأكثر حاجة للتأثير في حياة المجتمع ومستقبل تنمية ثرواته، لكيلا تكون مسارات الإدارات الإنتاجية عرجاء ومائلة إلى جانب دون آخر.

وهذا الأمر يتطلب مؤتمرات تشارك بها كفاءات وزارات متعددة تحت غطاء واحد، لتفرز توصيات قابلة للتنفيذ وتتوافر على نوع من الإلزاميَّة من أجل عدم تبديد الموارد، وإعادة توظيف الكفاءات بما ينسجم مع آفاق التغيير، وليس إلحاقاً بسياقات قديمة من المفترض أن يكون كل الجهد مكرساً لتجديدها وليس الانقياد لها.