الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

محاولة فرنسيَّة لتجريم «الثورة الجزائرية»

عاد من جديد ملف الذّاكرة بين الجزائر وفرنسا إلى الواجهة، وهو يعود دوماً في كل المناسبات الثورية الجزائرية الكثيرة، وفي كل مناسبة يحاكم الاستعمار، وترتفع المطالب الشعبية والنخبوية بضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها وتقديم الاعتذارات للشعب الجزائري.

لكن هذه المرة عادت القضية من باب المؤرخ الفرنسي «بن جامان ستورا» وهو يهودي من مواليد الجزائر، عيَّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإعداد تقرير حول الذاكرة بهدف مناقشته مع الطرف الجزائري لطي الملف نهائياً.

وانصدم الجزائريون من مضمون التقرير، فجوهره يسوِّي بين الجلاد والضحية، ويُسوِّي بين من قتله المجاهدون دفاعاً عن الشرف ومن قتله المستعمر تعديّاً على الشرف، ويطلب أن يكون الاعتذار من الطرفين، وينظر للاستعمار وجرائمه نظرة «الأحداث المتنوعة في الصحافة»، كما ينظر نظرة المظلومين للأقدام السوداء، وهم المعمرون المولودون في الجزائر والذين كانوا ضد الثورة وضد الاستقلال وحالياً كونوا جمعيات للمطالبة باسترجاع ما يسمى «زوراً» أملاكهم من الجزائريين، وهي الأملاك التي انتزعوها من أصحابها الأهالي.

كما يطالب ستورا بإعادة الاعتبار «للحَرْكَى»، وهم الجزائريون الذين ساندوا الاستعمار ضد الثورة، إلى جانب المطالبة برد الاعتبار لليهود، غير أن اليهود الجزائريين لم يعودوا جزائريين بعدما تحصلوا على الجنسية الفرنسية بموجب قانون كريميو 1871 وانضموا للقوات الفرنسية للمساهمة في قتل الجزائريين.

ثم يريد ستورا أن يوضح أن الاستعمار قام به جيل سابق لا ينبغي أن يتحمل وزره الجيل الحالي أو جيل المستقبل، هذا هو خلاصة تقرير بن جامان ستورا، وإذا سارت الأمور على هذه الحال، فإنه سيأتي اليوم الذي تطالب فيه فرنسا من الجزائر أن تعتذر على قيام المجاهدين بالثورة.

إن التعليق على التقرير بحاجة لكتب ومجلدات، لكني أنقل هنا ما قاله الصحفي الفرنسي جون ميشال أباتي، الذي انتقد موقف بلاده الرافض للاعتذار، مؤكداً أن ما فعلته فرنسا بين (1830-1962) لا يشبه أيّ استعمار، ويجب علينا تقديم الاعتذارات».

وأضاف: «نحن لا نعلم سبب احتلال الجزائر.. لقد كان عملاً سياسيّاً طائشاً، لأنه في تلك الفترة شن شارل فيليب دو فرانس، المعروف باسم شارل الخامس، عملية عسكرية لمجده الشخصي.. ومن هنا بدأ احتلال الجزائر الذي كان عنيفاً جداً؛ ما دفع الصحافة الأوروبية إلى شن حملة سنة 1845 للتنديد بهذا الاستعمار.. لقد استولينا على أراضي الجزائريين ومنعنا 5 أجيال من التّمدرس، كما أطلقنا قذائف النابالم على القرى الجزائرية».