السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أردوغان.. والضغوط الأوروبية ـ الأمريكية

هل انحنى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام عاصفة العقوبات الأوروبية والأمريكية؟.. سؤال يُطرح بحدَّة أمام التصرفات الأخيرة، التي صدرت عن القيادة التركية والنبرة التصالحية التي وَشَحَت خطابها الدبلوماسي.

وتطرح هذه الإشكالية بزخم أكبر عندما تتم مقارنة التصرفات التركية خلال الأسابيع الأخيرة، و بين ما يلاحظ اليوم من تراجع في النزعة العدوانية ولهجة التّحدي والاستفزاز التي عادة ما كان أردوغان يخاطب بها جواره المتوسطي والأوروبي.

عنصران أساسيان لعبا دوراً حاسماً في تغيير المقاربة التركية وإرغامها على التراجع ـ ولو شكليّاً ومرحليّاً - عن هذه الاستراتيجية العدائية التي جعلت منها عقيدتها الدبلوماسية.


الأول، يكمن في إصرار أوروبي على تنزيل منطق العقوبات ضد تركيا مهما كان ثمن ذلك، متحديّاً التهديدات التركية بفتح أبواب الهجرة السرية ونزوح اللاجئين، وهذه الورقة كانت القيادة التركية تعتبرها عاملاً رادعاً لكل خطوة أوروبية جديّة لفرض عقوبات مؤلمة على الاقتصاد التركي، تبين مع مرور الأسابيع وعقد قمم أوروبية متتالية أن منطق العقوبات بدأ يستقطب دول الاتحاد الأوروبي، ويحدث شبه إجماع لديها.


العامل الثاني، يكمن في فشل دونالد ترامب في الحصول على ولاية ثانية، ووصول الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض، وبذهاب ترامب يكون أردوغان قد فقد أحد داعمي سياسته الاستفزازية تجاه دول الاتحاد الأوروبي، بينما شكَّل وصول بايدن مصحوباً بالثلاثي أنطوني بلينكن في الخارجية، وجاك سوليفان في الأمن القومي، ووليام بورنز في الاستخبارات الخارجية تحدٍّ واضح للخيارات التركية، خصوصاً أن الفريق الديمقراطي الحاكم كان عبّر عن صدمته ومعارضته باقتناء تركيا منظومة الدفاع الروسية (إس 400)، التي تشكل من وجهة نظرهم تهديداً داخليّاً يقوض قدرات الحلف الأطلسي أمام المنافس العسكري والاستراتيجي الروسي.

انطلاقاً من هذه المعطيات المستجدة أرغم أردوغان على الانحناء أمام العاصفة المقبلة، والتي كانت ستجمع بين ضغط اقتصادي أوروبي وسياسي أمريكي، كما أرغم أيضاً على التخلي عن التذاكي الذي كان يتعامل به مع أزمات الإقليم.

وهذا الوضع الجديد من شأنه أن يخفض من حدة التوتر الإقليمي، وأن يجعل تركيا أردوغان تقتصر على اللعب في مربعها الوطني، عِوَضاً عن سياسة التمدُّد والهيمنة السابقة.