الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

الإعلام العربي.. قضايا غائبة

خلال الشهور الثلاثة الماضية، أخذت الانتخابات الأمريكية كل اهتمامات الإعلام العربي بصحافته وشاشاته وبرامجه ومراسليه.. وكانت الشَّاشات العربية تهرولُ خلف الأحداث في كل مكان، ومواكب المحللين والمعلقين تتصدر المشهد ليلاً ونهاراً، والشيء الغريب في هذا التناقض هو غياب الإعلام عن كل ما يجري في العواصم العربية، وإذا وجدت شيئاً فهو انفجار أو عملية انتحارية أو هجوم متبادل بين سلطات القرار.

أين ما يجري في لبنان منذ شهور ابتداء بما حدث في الميناء وانتهاء بهروب الناس من كورونا، ومعاناة الشعب اللبناني من الظروف الاقتصادية الصعبة؟ وأين الإعلام العربي مما حدث في اليمن؟ وما مستقبل الشعب اليمني من بحار الدم التي أغرقت كل شيء فيه؟ وما آخر قصص الاحتلال للأراضي الليبية؟ وماذا عن حشود الشعب السوري التي يحاصرها الجليد في كل مكان؟ وماذا عن عمليات داعش الإرهابية في قلب بغداد؟ وما آخر المواجهات الحربية علي الحدود بين السودان وإثيوبيا؟ وما آخر أخبار سد النهضة؟ ولو حاولت أن تبحث أكثر عن أحوال تونس وثورتها المؤجلة أو ما يجري في المغرب والجزائر فلن تجد في الإعلام العربي شيئاً مما يجري في تلك العواصم العربية.

إن الإعلام في كل دول العالم يجمع الشعوب ويوحد بينها، وينشر الوعي والفكر والحقيقة أمامها، ولكن يجب أن نعترف بأن هناك ما يشبه الانفصال الشبكي بين الدول العربية، بحيث تحولت إلى جزر، وربما السبب في ذلك هو حالة الانفصال والتقوقع التي جعلت كل دولة عربية صغيرة أو كبيرة مشغولة بأحوالها ومشاكلها وطموحاتها، بل إن الأخطر من ذلك أن الطموحات اختلفت والأهداف تعارضت وأصبح من الصعب أن تتوحد أحلام الشعوب نحو قضايا واحدة، أمام اختلاف السياسات وتعارض المواقف.


لقد تراجع الإعلام العربي عن دوره ولم يعد وسيلة للتقارب بين الشعوب، وتحول إلى وسائل للتسلية والهروب من القضايا الحقيقية، وأنا لا أتصور غياب الإعلام العربي عن أحلام الشعوب وحقها في الحرية والكرامة وحقوق الإنسان، وليس انتظار ما تأتي به عواصف الغرب، وما تترك على سلطات القرار عندنا من تأثير. نريد إعلاماً لا ينتظر النصائح والتوجيهات من أحد.. نريده إعلاماً عربيّاً أميناً وصادقاً وهو يبحث عن الحقيقة، ويكون صوتاً لها ومدافعاً عنها، فجزر الإعلام العربي لن توحّد كلمة، ولن تبني عقولاً، ولن تنشر وعياً ما دامت صوتاً للآخرين.