السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لننتظر ونرَ.. أوباما أم بايدن؟

وكأن البشرية بحاجة إلى دروس جديدة حول خطورة ثقافتين قاتلتين هما الشطب والشيطنة، تبدأ هذه الأخيرة بالتخوين أو التكفير وعادة ما تسبقها إرهاصات كتسخيف الرأي الآخر وتجريح مطلقيه ومؤيديه، لا بل حتى الرافضين للانجرار إلى استقطاب إلغائي صدامي بالضرورة: إما معنا وإما ضدنا.

يفترض أن يكون غبار المعركة قد هدأ لكنه حتماً تحول إلى حفنات تذر في العيون رماداً، لم تكد تضع حرب الرئاسة أوزارها، حتى بدأت سلسلة حروب أخرى أشد وطأة على المواطن الأمريكي، ولأول مرة أقولها بقناعة راسخة - من عاصمة أقوى قوة عسكرية واقتصادية على وجه المعمورة - «المواطن المغلوب على أمره».

بعد ساعة من أدائه القسم، لم ينتظر الوصول إلى البيت الأبيض، وسارع بتوقيع باكورة أوامره التنفيذية في المكتب الخاص بالرئيس تحت قبة الكونغرس.


حتى الساعة، وعملياً بعد أسبوع واحد من توليه مهامه كالرئيس الـ46 لأمريكا، وقع جو بايدن أربعين أمراً تنفيذيّاً ومذكرة إجرائية، دخل 17 أمراً منها حيز التنفيذ الفوري.


رغم أن العنوان العريض لتلك الأوامر والمذكرات يندرج تحت التخلص من إرث سلفه دونالد ترامب، ومنح الأولوية للتعافي صحياً واقتصادياً من «الطاعون الصيني»، والذي تم حظره كمصطلح بدواعٍ تتعلق بمحاربة العنصرية، فإن الصبغة الطاغية على القرارات لم تكن تضميد الجراح وإنهاء «الحرب غير المدنية» التي تسبب بها ترامب بقدر ما كانت تعبيراً عن سطوة أجندة اليسار على الحزب الديمقراطي، الذي تعهد بايدن إبان الحملة الانتخابية بأنه هو وليس اليسار الذي يقود الحزب.

قد لا تعني القارئ من خارج الولايات المتحدة، وبخاصة الشرق الأوسط، كثيراً تلك المعارك الداخلية الجارية منذ الآن لاستعادة الحزب الجمهوري والمحافظين على وجه خاص السيطرة على مجلس النواب على الأقل في انتخابات الكونغرس النصفية في 2022، إلا أن كثيرين ممن «طبّلوا وزمّروا» لا بل «وهلّلوا وكبّروا» ليتيمة بايدن الرئاسية كما تعهد، فاتهم هاجس أو كابوس عودة إدارة الرئيس الأسبق باراك حسين أوباما في ولاية ثالثة من الناحية العملية.

وعلى سبيل التفاؤل نقول، «لننتظر ونرَ»، وتلك حكمة معروفة في السياسة الأمريكية، لنرَ إن كان بايدن مُحِقّاً في قوله إنه ليس أداة لليسار ولا لأوباما وأنه سيتخذ «منهجاً مستقلاً».

لكن الأمانة تقتضي تذكير المتفائلين «الطيبين»، بالمراوغة والمماطلة وإبطان عكس ما تظهره وسائل الإعلام، التي باتت مكشوفة للجميع داخلياً وخارجياً بانحيازها للحزب الديمقراطي، وخاصة اليسار.