الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إعادة ضبط المنطقة

برغم وجود ملفات داخلية وخارجية ثقيلة وشائكة على طاولة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي عليه التعامل معها في الفترة المقبلة، في مقدمتها إعادة أمريكا إلى رشدها ودورها العالمي وترميم وحدتها الداخلية، بعد أن فقدت الكثير من ذلك في السنوات الأربع الماضية، يأمل كثيرون في الشرق الأوسط أن تكون قضايا المنطقة ذات أولوية رئاسية، لحلحلة الصراعات والنزاعات التي تعصف بها، ناهيك عن مواجهة آفة الإرهاب التي بدأت تطل برأسها مرة أخرى في دول عديدة، حيث يرى البعض أن بايدن قادر على إعادة ضبط إيقاعات المنطقة، وتوجيهها نحو حلول سياسية تعزز الاستقرار والأمن الإقليميين.

ما بين انشغال بايدن بترتيب البيت الأمريكي الداخلي، ومكافحة تفشي فيروس كورونا والنمو الاقتصادي، والتعامل مع الصين وروسيا وغيرها من الملفات، تأتي قضايا الشرق الأوسط التي يتم التعامل معها - أولاً وأخيراً - وفق اعتبارات المصالح الأمريكية وأمن إسرائيل، لذلك فمن غير المتوقع حدوث استدارة كاملة تجاه المنطقة في القريب العاجل، وقد تأخذ الإدارة الجديدة وقتاً أطول مما يتوقعه الجميع.

ومع أهمية الدور الأمريكي في المنطقة، فإن السنوات العشرين الماضية تؤكد أن السياسة الأمريكية أضرت بمنطقتنا أكثر مما أفادتها، فمن التعامل الفوضوي مع العراق والقضاء على مؤسسات الدولة، إلى فوضى الربيع العربي، مروراً بسوريا وسياسة اللاموقف، وصولاً إلى ليبيا واليمن، كان تعامل السياسة الأمريكية مع أغلب هذه الملفات كارثياً، أو مخيباً للآمال في أحسن الأحوال.


تأرجح السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، ورهن استقرارها وأمنها بمزاج من يأتي إلى البيت الأبيض، من شأنه أن يبقيها تدور في دائرة مفرغة، ويعقّد ملفاتها المعقدة أصلاً، فبعد كل هذه التجارب مع الدور الأمريكي، على الدول المؤثرة وخاصة دول الاعتدال العربي العمل على إعادة ضبط المشهد عبر تعزيز وتقوية القواسم المشتركة، لبناء توجه إقليمي صلب قادر على فرض نفسه على المجتمع الدولي، وعدم انتظار ما ستسفر عنه الرؤية الأمريكية الجديدة التي قد تكون أسوأ مما نتوقع، ولنا في فترة رئاسة باراك أوباما أكبر عِبرة.


باختصار، نحن بحاجة إلى إعادة قراءة مشكلات المنطقة بمعزل عن القرارات الأمريكية، وإذا ما توصلت دول الاعتدال إلى رؤية مشتركة ومنطقية، وتحدثت عنها بصوت واحد، فمن الطبيعي أن نصل إلى نهايات مُرضية لمعظم الملفات.