الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الإرهاب المحلّي.. هناك وهنا

تحدث الرئيس جو بايدن في خطاب التنصيب، عما أسماه «الإرهاب المحلي»، الذي بات يهدد الديمقراطية الأمريكية، وحدده بأنه يتركز في بعض جماعات البيض التي تحمل أفكاراً متطرفة، وقد قصد أن يميز الإرهاب المحلي عن ذلك الذي يأتي من خارج الحدود، كما جرى في أحداث 11 سبتمبر 2001، وعقب ذلك الخطاب بات «الإرهاب المحلي» مصطلحاً معتمداً لدى الكثير من المسؤولين، فضلاً عن الصحافة والإعلام بالولايات المتحدة.

يعلمنا التاريخ الإنساني قديماً وحديثاً، أن أي مجتمع معرّض لموجة من العمليات الإرهابية، فالإرهاب ليس قدراً على مجتمعات أو ثقافة بعينها.

وقد عرفته مجتمعاتنا وعانينا من الإرهاب، وصلت ذروته في اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وفي مطلع التسعينيات من القرن الماضي عانت الجزائر موجة إرهابية وكذا مصر، وفي السنوات العشر الأخيرة وجدنا الإرهاب يمتد إلى عدد من دول الشرق الأوسط، ولم يتوقف بعد، وإن تراجعت حدته، وضعفت عملياته.


حين عرفت مجتمعاتنا الإرهاب «المحلي»، انطلق جهابذة المحللين في مراكز البحوث والجامعات بالولايات المتحدة وأوروبا في تقريعنا، وراحوا يجزمون أن الإرهاب وصفة خاصة تليق بنا! الإرهاب في رأيهم نتيجة طبيعية لغياب الديمقراطية أو الاستبداد، ونتيجة أيضاً للفقر ولسوء التعليم، صدّقهم كثير من الأكاديميين والمثقفين العرب، والحق أن تلك النتائج كانت تقدم مبرراً لوجود الإرهاب ولاستمراره، وكنا نرد عليهم أن الإرهاب فكرة متطرفة يحاول المتطرفون فرضها بالقوة والعنف على المجتمع، وبالملاحظة فإن معظم قادة الإرهاب كانوا من الأثرياء الذين تلقوا تعليماً رفيعاً، أيمن الظواهري نموذجاً، وكذلك أسامة بن لادن وقبلهما صالح سرية وعبدالله عزام، لكنهم لم يقتنعوا.


اليوم هناك إرهاب محلي داخل الولايات المتحدة.. فهل يمكن القول إن الولايات المتحدة بلد بلا ديمقراطية ينخر الاستبداد والفساد به؟ وهل يمكن أن نرمي جماعات العنصرية البيضاء بالفقر أو سوء الحظ من التعليم؟ بالتأكيد لا، الإرهاب مرة أخرى فكرة متطرفة يؤمن بها فرد أو مجموعة، يحاولون فرضها بالعنف على المجتمع وإخضاع مؤسسات الدولة لهم، هذا ما حاولوه في مبنى الكابيتول يوم السادس من الشهر الفائت، وقتل خمسة أفراد داخل المبنى، لكن المؤسسات الأمريكية والإدارة اتخذت إجراءات صارمة، واستدعت قوات عسكرية لحماية المبنى إلى جوار قوات الأمن، وتم اعتقال المعتدين وشرعوا في محاكمتهم.

لم يغل أحد يد الإدارة عن حماية النظام والمجتمع الأمريكي، أما عندنا يراد للإرهاب أن يستمر بتقديم مبررات للإرهابيين، وتطالب الإدارات الأمريكية المتعاقبة الحكومات العربية بالتريث في المواجهة، وتنصح بالتحاور والتفاهم مع الإرهابيين.