الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كورونا.. لاعب سياسي في أوروبا

منذ أن أسقطت جائحة كورونا ولاية دونالد ترامب، وعبَّدت الطريق أمام جو بايدن، تحول هذا الفيروس إلى لاعب سياسي في المسارح السياسية الأوربية، ويتوقع أن يكون له دور في مختلف الاقتراعات الانتخابية المقبلة.

في صراعها ضد تداعيات كورونا الاقتصادية والاجتماعية، تحاول الأنظمة الأوروبية تفادي النموذج الأمريكي، لكيلا تدفع ثمناً سياسياً باهظاً حول طريقة إدارتها لهذه الأزمة، والخيارات المطروحة حالياً تتأرجح بين الدفاع المستميت عن صحة المواطن الأوروبي واتخاذ كل التدابير التي تقلص من عدد الإصابات والوفيات، وبين ضرورة الإبقاء على حركية وديناميكية آلة الإنتاج الاقتصادي، وحماية المجتمع من الانهيار.

لهذه الأسباب يشكل حالياً خيار الإغلاق التام والحجر العازل، رهاناً سياسياً حساساً، لا تتخذه هذه الدول بالسهولة المتوقعة، بقدر ما تخشى انعكاساته السلبية على مستوى العلاقات الاجتماعية، وقد شكّلت الصور التي نقلت عن التجربة الهولندية والإسرائيلية واللبنانية، وهي تُظهر مواطنين ينتفضون بشكل عنيف ضد الحجر التام، عاملاً رادعاً للخيارات المتاحة أمام هذه الدول في طريقة معالجة أزمة كورونا.


تخوف واضح من أن تنتعش حركة العصيان المدني في الدول الأوروبية احتجاجاً على خيارات الإغلاق، وتعطيل عجلة الاقتصاد من أجل حماية المواطنين المسنين، من وجهة نظرهم، وذوي الوضع الصحي الهش، في مقابل التضحية بباقي شرائح المجتمع الأوروبي التي تعاني بقوة من مخلفات هذه الجائحة.


من جهة أخرى تحوَّل فيروس كورونا إلى عامل توتر بين دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وتسبب في أول أزمة سياسية ما بعد البريكسيت، جرى ذلك بعدما اكتشفت بروكسل أن شركات إنتاج اللقاح العملاقة، فضَّلت بيع اللقاح لبريطانيا عوض الالتزام بوعودها لدول الاتحاد الأوروبي، التي تعاني أصلاً من بطء حملة اللقاحات الموعودة، والتي تسهم في إثارة الغضب والامتعاض الشعبي.

وفي تطور لم يكن أحد يتوقعه، تحول فيروس كورونا إلى لاعب سياسي قد يحدد هوية الرابح في الانتخابات المقبلة ويفرض وتيرة العلاقات الاجتماعية، وقد جندت كل الأحزاب المتبارية على السلطة قدراتها من أجل إظهار حلولها ومهاراتها في معالجة تداعيات هذا الكابوس الصحي، كما ستتم مساءلة الشخصيات الحاكمة، التي تصبو إلى عملية تجديد الثقة لولاية ثانية حول قدرتها على تقديم الحلول من أجل حماية المجتمع من انتكاسات جائحة كورونا.