الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ماكرون وبايدن.. مصالح متقاطعة

استبقت الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية نوعية العلاقات التي يمكن للرئيس جو بايدن إقامتها مع الرئيس إيمانويل ماكرون بالتصفيق لولادة حقبة جديدة متفائلة، بالمقارنة مع الانتكاسة التي عرفتها العلاقات الأوروبية الأمريكية في عهد دونالد ترامب.

والقراءة المتأنية للمقاربات الدبلوماسية لسيد البيت الأبيض الجديد تنم نظرياً عن توافق في الرؤى والاستراتيجيات. وكان الإعلان والعودة الفورية للولايات المتحدة إلى اتفاق باريس حول البيئة الذي مزقه دونالد ترامب، دليلاً على أن مرحلة جديدة قد بدأت في علاقة واشنطن مع حلفائها الأوروبيين.

لكن يخطئ من يعتقد أن العلاقات بين باريس، ومن ورائها بروكسيل، وواشنطن ستعيش تلك السلاسة، والتناغم الذي افتقدته في عهد ترامب، لسبب بسيط هو: أن هناك مواضيع عالقة قد تكون مصدر خلاف و توتر مهما كان موقف جو بايدن واستعداده لإصلاح ما أفسده ترامب.


مع ايمانويل ماكرون هناك بذور انشقاق بين فرنسا والولايات المتحدة، عندما يصر الرئيس الفرنسي على الدفاع عن عقيدة الاستقلالية الاستراتيجية، التي تم اللجوء إليها من طرف بعض الأوروبيين، بعدما ما هدد دونالد ترامب بسحب أو على الأقل إضعاف المظلة الأطلسية التي كانت ولا تزال تحمي الأمن الأوروبي.


ماكرون اقترح تأسيس جيش أوروبي موحد وعقيدة دفاعية مشتركة، في محاولة منه لقطع الحبل السري الذي استعملته إدارة ترامب كورقة تهديد وابتزاز.

ومع جو بايدن الذي يؤمن بضررةو وحيوية تقوية الحلف الأطلسي وجعله آلة نفوذ لأمريكا العائدة بقوة لإدارة شؤون العالم، سيصطدم ماكرون ومن ورائه الأوروبيون الذين يعتقدون أنه حان الوقت للتحرر من وصاية الولايات المتحدة الأمنية والاستراتيجية.. خلافات إذن في العقيدة الأمنية، التي تريد أمريكا تفعيلها بعد حقبة العزلة التي عاشتها خلال ولاية ترامب.

وهناك خلاف جوهري واستراتيجي آخر، قد يسمم العلاقات الأوروبية ـ الأمريكية، وهي الحرب التجارية مع الصين، فـ«بايدن» يريد من جميع حلفائه الاصطفاف كرجل واحد من ورائه لمواجهة التحدي والهيمنة الاقتصادية الصينية، بينما يريد الأوروبيون أن يكون لهم هامش مناورة يمكن من خلالها تحديد سقف لمصالحهم الوطنية، دون إعطاء الانطباع بأن فضاءهم الأوروبي مجرد خاتم في إصبع بايدن يفعّله وقتما شاء، وتطبيقاً لأجندة المصالح الأمريكية.