السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قصة «كابتن توم»

منذ حوالي أسبوع أعلن مستشفى بيدفورد في بريطانيا وفاة توماس مور، أو الكابتن توم كما أطلق عليه الإنجليز، عن 101 عام، بعد معاناة قصيرة مع الالتهاب الرئوي الناتج عن إصابته بكورونا، حيث لم يتحمل جسمه فيروساً حجمه أقل بملايين المرات من قنابل كانت تتساقط على رأسه أثناء الحرب العالمية الثانية، التي شارك فيها محارباً.

كانت السنة الأخيرة في حياة توم ملهمة ورائعة.. لقد تجدد شبابه وعايش أشياء لم يكن يحلم بها، لقد استضافته الملكة البريطانية في قصر باكنجهام لمنحه لقب سير بعد مئات الآلاف من توقيعات المواطنين، وبترشيح خاص من رئيس الوزراء بوريس جونسون.

كما أطلق مؤسسة خيرية في سبتمبر، صارت منارة للأعمال الإنسانية في بريطانيا خلال أشهر قليلة، ليحقق أمنيته في أن يكون العالم أكثر تفاؤلاً وعدالة، وأطلق حملته الشهيرة «من أجل هيئة الصحة الوطنية» لمكافحة كوفيد-19.


في بعض الأحيان نردد كلمات نفهم معناها لكن لا تصل إلى عمق الشعور بمعناها إلا إذا جاء ما يجسدها.. لقد تجاوزت فهم معنى أن يكون الإنسان «ملهماً» إلى الإحساس العميق بالمعنى بعد أن قرأت قصة كابتن «توم»، ذلك الإنجليزي العجوز، الذي يغرق من يقرأ قصته في مشاعر متزاحمة من التقدير والتعاطف والحزن والقوة والتحدي والإصرار، وقد يكون كل هذا يعني «الإلهام».


لم يكن كابتن توماس مور يُدرك أنه سيصبح ملهماً للبريطانيين ـ وربما للعالم كله ـ وقت إعلانه عن احتفاله بعيد ميلاده المئة عن طريق حملة لجمع 1000 جنيه استرليني لمكافحة فيروس كورونا، وذلك بالمشي داخل حديقته بمساعدة «مشاية» لمسافة 25 متراً بمقدار عشر لفات يومياً.

لم يكن يُدرك أنه بدأ يعيش حياة كاملة جديدة في أبريل من العام الفائت، حيث أتم الرجل قرناً من الزمان ليعلن دعماً للمنظومة الصحية البريطانية في حربها ضد الفيروس.

بدأ مستهدفاً ألف جنيه استرليني، وارتفع الهدف إلى خمسة آلاف، ثم إلى 500 ألف جنيه استرليني مع مشاركة المزيد من الأشخاص في الحملة، وتحولت المبادرة إلى حملة، وأصبح بطلاً وطنياً في بريطانيا بعد أن جمع أكثر من 33 مليون جنيه استرليني (40 مليون دولار) للعاملين بقطاع الصحة قبيل عيد ميلاده المئة.

فعل الرجل كل هذا في عامه المئة، وكأنه سيعيش أبداً.. لقد كان يؤمن بجملة من خمس كلمات، تم اختارها عنواناً لسيرته الذاتية التي نشرها العام الماضي «غداً سيكون أفضل».