الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الدراما والسياسة.. التعبئة والتمويل

انتشرت في العقود الأخيرة، الأعمال الدرامية والسينمائية المعنية بتقديم سير الزعامات السياسية والتاريخية، التي مرَّت عبر أحداث وتحولات الشرق الأوسط.

وتدخلت حكومات وأحزاب ووجهات نظر سياسية مهيمنة في تحديد زاوية النظر إلى زعيم سابق، أو حدث تاريخي عظيم لا تزال أصداؤه تتردد بين الأجيال الحالية.

ففي بداية فترة الحصار الاقتصادي الذي فرضه مجلس الأمن على العراق، جرى في بغداد إنتاج فيلم «الملك غازي» 1993 للمخرج محمد شكري جميل، وشارك فيه صفوة الفنانين، وركز على الدور السياسي الذي اضطلع به الملك القتيل من أجل التخلص من الاستعمار البريطاني في ثلاثينات القرن الماضي، وقامت فكرة الفيلم على التضحية في سبيل هدف وطني، والغدر الذي يكون سلاحاً جاهزاً لتقويض النزعة التحررية، التي كانت متقدة في الدول العربية في حينها.


كان الإنتاج السينمائي قبل عصر الفضائيات العربية، وسيلة أساسية في التأثير في المتلقين بالرغم من الحواجز المعيقة لانتشار أفلام ذات بُعد سياسي في دور عرض خارج البلد الذي أنتج الفيلم.


الأفلام المصرية وحدها استطاعت أن تحقق الانتشار في حقبة سيطرة السينما المصرية، وريادتها في العالم العربي، وبعدها جاء الإنتاج السينمائي المشترك في تقديم أعمال تاريخية، منها فيلم القادسية الذي موّله العراق في عام 1981 مع اندلاع الحرب التي استندت في تسميتها العراقية إلى عنوان القادسية الأولى، وتعاون فنانون مصريون كبار في إنتاجه.

وكذلك فيلم الرسالة الذي موّلته السعودية بنسختيه العربية والإنكليزية، وأسهمت فيه ليبيا من حيث توفير قاعدة الإنتاج والمجاميع البشرية، وأخرجه الراحل مصطفى العقّاد، وتصدّر بطولة النسختين عبدالله غيث وأنتوني كوين.

وقبله كان فيلم الناصر صلاح الدين للمخرج يوسف شاهين في عام 1963، في ذروة صعود الصراع العربي ـ الإسرائيلي والتمهيد لحشد سياسي وشعبي وعسكري، وتبع ذلك حربان: في يونيو 1967 وأكتوبر 1973. أما في الدراما التلفزيونية فقد كان المجال أوسع في تناول الأحداث التاريخية، من حيث كونها تتوافر على قضايا مثيرة للجدل والتعددية في الرؤية أكثر منها معنية بشخصية مركزية واحدة. يبقى في النهاية إنتاج الأعمال التاريخية والسياسية مكلفاً لجهة الإنتاج ومغامرة لكثيرين، بسبب الرقابات المتنوعة وقلّة الإيرادات المتوقعة، وحين تدخل الجهات الحكومية في التمويل، تخضع الأعمال إلى توجهات مقننة، الأمر الذي يضفي عليها التبعية الفكرية والسياسية ويحدّ من انتشارها، في حين استمدت السينما السياسية من روايات عربية قليلة وجودها لكنها لم ترتقِ إلى المنافسة على الشباك.