الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

عزل ترامب.. ومحاكمة «الهوليغرام»

الأمريكي مولعٌ، ويشاطره في ذلك ما يعرف بجيل الألفية في العالم، بالمؤثرات السمعية والبصرية.

في أمريكا، صالت هذه المؤثرات وجالت - ليس في ميادين التسويق التقليدية - وإنما دخلت وبلا استئذان المؤسسات الأكثر وقاراً وهي الكونغرس ودور العبادة، ففي نهاية المطاف، يريد الكل التأثير الآني، والمستدام إن أمكن.

ما شهدناه في المحاكمة الثانية لعزل الرئيس السابق دونالد ترامب، كان غير مسبوق كماً ونوعاً، بصرف النظر عن موقف المتفرج عبر شاشات التلفزيون والأخطر منصات التواصل الاجتماعي، فإن طبيعة ما تم اختياره (مونتاجه) وعرضه من قبل نواب الحزب الديمقراطي، الذين قاموا بدور الادعاء في محاكمة سياسية لا قانونية، تجاوز في غاياته القرار المستهدف المحكوم مسبقاً بالفشل لاستحالة الحصول على 17 صوتاً من الجمهوريين لتحقيق غالبية ثلثي مجلس الشيوخ، الذي يقوم في هذه الحال بدور ما يعرف بالقضاء الأمريكي بهيئة المحلفين.


الهجوم والهجوم المضاد تحت قبة الكونغرس رافقه بسبب توظيفه لما في جعبة الطرفين من أرشيف حافل بالمقاطع المصورة، تحشيد واستقطاب بين مؤيدي الجانبين بما أسقط مبِّكراً وعداً قطعه الرئيس الجديد جو بايدن على نفسه في خطاب التنصيب عندما دعا إلى إنهاء «الحرب اللامدنية (غير الحضارية)»، مجدداً وعده إبان الحملة الانتخابية بأن يكون رئيساً لجميع الأمريكيين وليس من انتخبوه فقط.


نكأت المواد المعروضة كثيراً من الجروح التي كان من المفترض أن يعمل الجميع لتضميدها، ما من بريء في هذه المعركة التي تثبت يوماً بعد يوم أنها كسر عظم أفقياً وعمودياً، فالانقسام ليس بين جمهوريين وديمقراطيين وإنما داخل الحزبين معاً.

بوادر الانشقاق خرجت إلى العلن فيما يخص الجمهوريين مع تسريب أنباء عن لقاءات تهدف إلى إنشاء حزب ثالث معاد لترامب يحمل اسم «النزاهة»، قبل أسابيع وبالتزامن مع شطب ترامب من منصات التواصل كافة، تم الترويج لاحتمال تأسيسه لحزب يعرف باسم «الحزب الوطني».

لعله من النزاهة الإقرار بأن المعركة من بين عناوينها سجال حول من هو الديمقراطي حقاً؟ ومن هو النزيه فعلا؟ ومن هو الوطني قولاً وعملاً؟ اللافت أن فريق محامي ترامب ومن ثبتوا في تأييده حتى الآن من قيادات الحزب الجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ اقتبسوا كلمات رموز وطنية لا تزال موضع إجلال وإجماع بين الأمة الأمريكية، وما كان ينقص محاكمة ترامب سوى «هوليغرام» أبراهام لينكولن لعلهم استحضروا حقاً من حافظ على وحدة أمريكا بعد حربها الأهلية.