الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

اللغة العربية.. المسؤولية والذاكرة

لم تعد أزمة اللغة العربية أزمة دولة أو شعب أو حكومة، ولكنها أصبحت محنة أمة لا تجد لها حلاًّ.. والغريب أن الأزمة تحاصرنا في البيوت وفي الشارع وفي العمل وحتى في المكاتب الحكومية.. وفي كثير من الأُسر نعاني من أنه لا أحد من الأبناء يتحدث اللغة العربية، لأنه لا يتحدثها في المدرسة ولا الشارع ولا البيت.

كما أن المدارس الأجنبية التي تنتشر الآن بالآلاف في الدول العربية، لا تعلم أبناءنا اللغة العربية، فمثلاً، المدارس الفرنسية تعلم الفرنسية، والمدارس الألمانية تعلم الألمانية، وكذلك الروسية والصينية.. إلخ، أي إن التعليم الأجنبي أغلق كل الأبواب على اللغة العربية، حتى إنه في بعض يدرس التاريخ ـ ذاكرة الأمة ـ يدرس باللغات الأجنبية، وفي أخرى كثيرة لا يدرس على الإطلاق..

والأزمة تتفاقم وأصبحت اليوم تمثل تحديات على مستوى الأسرة، بل إنها انتقلت إلى برامج التعليم، وأصبحنا نفتقد في مدارسنا مدرس اللغة العربية القادر المؤهل.


من ناحية أخرى، فإن المؤسسات التعليمية في العالم العربي تهاونت كثيراً في البحث عن حلول جادة لأزمة اللغة العربية.. كما تهاونت مؤسسات الدولة الأخرى في الاهتمام بالموضوع، فمثلاً في بعض دولنا قليلاً ما تجد محلاً أو مطعماً أو مدرسة تحمل اسماً عربياً، بل إن الشوارع تحمل أسماء أجنبية، وكثيراً ما تسمع مسؤولاً أو عالماً أو كاتباً يخطئ في قواعد اللغة العربية، وقد يخطئ البعض في قراءة القرآن الكريم.


والقضية ليست فقط أجيالاً نسيت لغتها نطقاً وكلاماً، ولكنها سوف تنسى تاريخها ديناً وعقيدة، ذلك أن البعض ينسى أحياناً أن اللغة العربية لغة القرآن، يتحدث بها العرب، ويهتم بها مليار ونصف المليار مسلم، يقدسون القرآن ويؤمنون به ديناً وشريعة..

المسؤولية تحتم على صُنّاع القرار في الحكومات العربية وضع ضوابط تعيد للغة العربية مكانتها في برامج التعليم والمنشآت والشوارع ووسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية، وأنا لا أتصور أن تغيب المؤسسات الثقافية العربية عن هذه الأزمة، بما في ذلك جامعة الدول العربية والمجامع اللغوية والجامعات.

من الضروري إذن، أن يكون لنا موقف واضح من التعليم الأجنبي في بلداننا، بحيث تكون اللغة العربية في مقدمة المناهج التي يدرسها أبناؤنا في مدارسنا، وتحت إشراف الوزارات المعنية، حرصاً على ذاكرة الأمة، ودينها، وتاريخها.