الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

بايدن.. عدنا للانتماء إلى العالم

نظراً لأن الانتماء الاجتماعي هو ترابط بين الأفراد الذين يتشاركون في واقع اجتماعي تم إنشاؤه بواسطة طرق التفكير والشعور والحياة الخاصة بالمجموعة التي ينتمون إليها، فإن الانتماء إلى العالم المستوحى من هذه الفكرة الإجرائية، يمكن اعتباره استراتيجية لتكريس مفهوم المواطنة العالمية في المستقبل القريب.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمته حول السياسة الخارجية الجديدة للولايات المتحدة أنها عادت إلى العالم بضرورة العيش في انسجام مع الطبيعة البشرية، التي تميل إلى تلبية واستخدام العقل لتحسين الظروف المعيشية وحياة الناس، وما يحسن أحوالهم وظروف الآخرين على حد سواء، فرفاهية بلاده تعتمد على خلق مجتمعات عادلة ومستقرة.

المواطنة العالمية عكس الانقسامات، هذا يعني أن الانقسام بين «الذات» و«الآخرين» الذي أوجدته حضارتنا المعاصرة يقترب من الموضوع من وجهة نظر مبسطة تضلل الواقع، لأنه يخلق صداماً لا أساس له بين المصلحة الفردية ومصالح المجتمع، بدلاً من النظر إلى المجتمع بكونه وحدة تعاونية متكاملة.


بهذا الخطاب، يحاول بايدن إعادة فتح العقلية المنغلقة التي أثارت سابقاً نشر الذعر والخوف من الآخرين لمجرد أنهم «آخرون»، وفي تلك الأوقات التي شهدت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصعود التيارات اليمينية المتطرفة بتصوراتهم عن الفردية والسعي إلى تحقيق أهدافها من منطلقات مُسلّمة.


في هذا الإطار، لا تلغي فكرة المواطنة العالمية الخصائص الفردية لكل فرد، ولا تتطلب من الفرد الانفصال عن نفسه لصالح الذات الجماعية والعكس صحيح، فكَّر بايدن بالحديث في رؤيته للعلاقات الدولية التي يدافع فيها بشكل مباشر عن حرية الإنسان واستقلاله، وفي هذه الأوقات العصيبة، ولسان حاله يقول: إننا جميعاً نعيش على نفس الكوكب، ومصيره يعتمد علينا جميعاً.

ولا يتحقق هذا المجتمع إلا إذا أدركنا أن مصالحنا العامة واحدة ومشتركة، إذ تقول إحدى البديهيات الأخلاقية التي تحكم العديد من النظريات في العالم الحديث إن هناك صراعاً مبدئياً لا مفر منه بين الإيثار والأنانية.

الرؤية التي أراد بايدن إيصالها أنه كلما بذلنا جهداً لتحقيق مصالحنا الشخصية، كلما أصبح من الصعب الاهتمام بمطالب الآخرين، على الأقل بنفس الدرجة، ما يؤدي في النهاية إلى الشعور بالذنب عندما يكتشف المرء عدم قدرته على إيجاد توازن بين هذين المطلبين المتضاربين، ويبقى التساؤل: ماذا لو كانت المفارقة التي تحكم هذه الفكرة خاطئة؟