السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لبنان.. قصّة حب لا تُنْسى

أبحث عن لبنان عبر الشَّاشات والأخبار والبشر، فأنا عاشق لـ«لبنان» منذ زرته لأول مرة في بداية سبعينيات القرن الماضي، قبل أن تدمر الحرب الأهلية أجمل ما فيه.. يومها قضيت شهراً كاملاً متنقلاً ما بين بيروت والشاطئ وبحمدون وشتورة وزحلة.. كانت رحلة من رحلات العمر التي لا تُنسى.

لبنان شيء مختلف ولا شيء يشبهه.. أبحث الآن عن لبنان فلا أجده، وقد كان أجمل الأماكن للسياحة، وأرقّ مدن الجمال، وكانت كل أموال العرب في بنوك لبنان، وأشهر رجال الأعمال من لبنان، وأجمل جبال العالم في لبنان، بل إنه كان أرقى وأجمل ما في العالم العربي.

لا أدري من تآمر على لبنان؟.. هل هم الأعداء أم الأشقاء أم الاثنان معاً؟.. لا أحد يعلم أين ذهبت أموال الشعب اللبناني وكان الأغنى مالاً ونجاحاً.. تُرى من يصدق أن الشعب اللبناني لا يجد الخبز ولا الكهرباء ويقضي الليالي في ظلام دامس؟ زرت لبنان في زيارات متقطعة بعد تجربة مريرة في الحرب الأهلية أخذت من عمر اللبنانيين 16 عاماً، دمرت الشوارع والمدن والجبال، حتي جبال لبنان الخضراء أحرقتها النيران، وقوافل الموت التي قتلت الجمال قبل أن تقتل البشر.


زرت لبنان بعد ذلك، فوجدت طيوره قد رحلت، ودخل في حالة من الغياب.. يومها دعاني الصديق الشاعر زاهي وهبي إلى برنامجه الشهير «خليك في البيت» علي قناة «المستقبل».. فسافرت إلى بيروت، وقبل أن أدخل الفندق شاهدت دوي انفجار رهيب، وكانت كارثة اغتيال رفيق الحريري، وأخذت تاكسي وعدت إلى مطار بيروت ومنه إلى القاهرة في نفس اليوم.


كان ذاك آخر عهدي بلبنان الوطن الجميل الذي أحببت. بعدها زرته ليلة واحدة في احتفالية أقمتُ فيها أمسية شعرية في مدينة «زحلة» في ذكرى الموسيقار محمد عبدالوهاب، وكان معي محمد عبدالوهاب الابن، وكانت أصداء كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي تطوف في أرجاء زحلة، التي كتب لها شوقي قصيدته الشهيرة «جارة الوادي» والتي غنّاها محمد عبدالوهاب، ومنها قوله: «ما أنت من عمر الزمان ولا غد جمع الزمان فكان يوم لقاك» بقيت صورة لبنان في خيالي سنوات طويلة، وكنتُ دائماً ولا أزال أبحث عن هذه الصورة، وأتمنَّى أن يعود لبنان الجمال والدور والمكانة.

سوف يبقى لبنان في وجدان عشاقه، وأنا واحد منهم، ذكريات عمر جميل في وطن لم نعرف قيمته، وإن بقي قصة حب لا تنسى.