الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

العراق ومعادلة المصالح الأمريكية

منذ شهور تتعرض أرتال النقل اللوجيستي من البصرة إلى بغداد وشمالها عبر مدن جنوب العراق إلى هجمات بالعبوات الناسفة، على الرغم من أن معظم الناقلات تحمل أرقاماً عراقية لكن حمولتها تبقى أمريكية وكذلك وجهتها.

ويتناول الإعلام المحلي تلك الهجمات، المسكوت عنها، والتي تتزامن مع قصف متكرر لمحيط السفارة الأمريكية ببغداد، ويمتد القصف أحياناً إلى قواعد عراقية يتواجد فيها الجيش الأمريكي في إطار دعم مكافحة الإرهاب.

هناك توافق أمريكي ـ عراقي على أن بقاء القوات الأمريكية ليس إلى ما لا نهاية، وأنّ الجانبين يراجعان باستمرار الحاجة إلى نوع القوات وأعدادها بحسب الظروف، تحت سقف قرار البرلمان العراقي الذي يقضي بإنهاء وجود القوات الأجنبية في البلاد، لكن في الوقت ذاته فإنَّ كلّ شيء مرتبط بتطورات إقليمية ودولية، فضلاً عن حاجات محلية في ملاحقة أوكار مستعصية لتنظيم داعش في جبال وتلال في محيط تكريت والموصل وصحراء الأنبار.


الإدارة الأمريكية التزمت في الأسابيع الأولى بعدم الإفصاح عن برنامج تعاملها مع الملف العراقي، الذي ظلّ سنوات طويلة في صدارة الاهتمامات الأمريكية، وقبل أن تزداد التكهنات والتأويلات إزاء ذلك، أجرى الرئيس جو بايدن اتصالاً هاتفيّاً برئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أكد فيه استمرار الدعم الأمريكي لسياسة مكافحة الإرهاب، وتبع ذلك أيضاً تصريحات تخصُّ الالتزام بواجبات الأمن الإقليمي.


مجيء هذه الإدارة الأمريكية الجديدة، قبل الخوض بتفاصيل المواقف، أعطى رسائل متعددة، وربّما متناقضة لدى الأطراف العراقية الثلاثية التي تكوّن نسيج العملية السياسية، فالإقليم الكردي، انتعشت آماله في أن تقترب من الواقع خطة بايدن القديمة عندما كان نائباً للرئيس، حين اقترح التقسيم الثلاثي للعراق، وهذا يعزز ما فشل فيه الإقليم الكردي بشأن استفتاء حق تقرير المصير، أمّا الأحزاب الشيعية الحاكمة أو الداعمة للحكومة فقد تعززت لها القناعة بمرور فترة التعاطي الإيجابي والهادئ مع مجريات الوضع العراقي، فيما شعرت أطراف في المنطقة الغربية انَّ التعويل على نهج أمريكي تدخلي في أزمات ومشكلات عراقية مزمنة بات أمراً مستبعداً.

في غضون ذلك، لم تستطع الإدارة الأمريكية استمرار تلقّي الرسائل الخاطئة منها في الداخل العراقي، فاضطرت الى الرد على قصف مصالحها، بهجمات مختارة ضد ميليشيات متهمة بدور في القصف، وكان الرد داخل الشريط الحدودي السوري المتاخم للعراق، في خطوة لتجنب التصعيد في العراق.