الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ذاكرة السمك.. والصيد السهل

مجلة الإيكونيميست البريطانية تقول: «لا داعي للاحتفال بالذكرى العاشرة للربيع العربي، الذي خلّف نصف مليون قتيل، و16 مليون لاجئ، وحروباً أهلية وصراعات مستمرة في اليمن، وسوريا، وليبيا، وفقراً وسرقة لثروات الشعوب في العراق ودول أخرى، فأين العيش والرخاء والحرية بعد 10 سنوات؟».

يجب علينا أن نتعلم مما حصل، وندرّسه للأجيال المقبلة، لأننا شعوب تمتلك (ذاكرة السمك) التي تعتبر من أكثر المخلوقات ضعفاً في الذاكرة فتنسى ما حصل لها بعد فترة بسيطة.

لقد شاهدنا من شجع وساند ثورات الشعوب، يقفون متفرجين عندما سالت الدماء، وتهجر الملايين وتدمرت اقتصادات الدول حتى (جاعت الحرة وأكلت بثديها)، ففككوا مصانعها، وصادروا غذاءها، وباعوا ثرواتها لصالح مؤسساتهم.


شاهدنا جماعات الإسلام السياسي يرفعون شعار (الإسلام هو الحل)، وبعد وصولهم إلى الحكم اكتشفنا أنهم لا يحكمون بما أنزل الله وإنما بما يقول (المرشد العام)، فقدموا للمناصب من كان من جماعتهم وأبعدوا من كان ليس منهم، وعندما كانوا خارج السلطة قالوا (لا للتطبيع مع إسرائيل) وعندما حكموا وصفوا رئيس وزراء إسرائيل في رسالة رسمية (بالصديق العزيز).


شاهدنا من اخترع (الربيع العربي) وشجعه ووصفه بأنه (حرية شعوب) بات يرفضه عندما اقتربت النار منه واعتبرها (ثورة الغوغاء)، وشاهدنا من يطالبون بحقوق الشعوب هم أنفسهم من قاموا (بقرصنة الأدوية والغذاء)، وأصبحت مصالحهم (فوق الجميع)، وشاهدنا من كانوا يتباكون على الإنسانية المضطهدة باتوا يرفضون إرسال اللقاحات لهم.

شاهدنا استنكار البعض توقيع الإمارات اتفاقاً مع إسرائيل ولكن حينما وقع الآخرون (طنشوا وسكتوا)، وشاهدنا حينما أرسلت الإمارات معونات ومساعدات إنسانية لإخوتنا في فلسطين منعوا دخولها، وطالبوا بأن تكون المساعدات (كاش)، وحينما أرسلت الإمارات لقاح كورونا لهم شكروا روسيا.

شاهدنا سقوط اقتصاد تركيا لينتفض إخونجية العالم ليفتوا بأن من لا يدعم اقتصاد تركيا كمن يرضى أن تُترك زوجته أو أمه (لممارسة البغاء)، ولم نشاهدهم يقفون مع اقتصاد مصر وهو يتداعى، ولا السودان وهو يتهاوى، ولا العراق وهو يسرق، وعندما كانت صواريخ الحوثي تضرب مكة ومُسيرات إيران تتكسر على الرياض لم يحركوا ساكناً ولكنهم تباكوا على مسلمي الروهينغا.

شاهدنا الإمارات تقدم المليارات كمساعدات للبناء والإعمار، وشاهدنا (غيرنا) يشتري الذمم (بالهدايا والعطايا) لبعض القيادات والسياسيين (ليخربوا ويفسدوا) ما بنته الإمارات، ولا مشكلة لدى هؤلاء (الراشين والمرتشين) فمصالحهم (أهم) من مصلحة الأوطان والشعوب.

تناقضات كثيرة (كنا شهودا عليها)، وإذا لم نتعلم منها سوف نصبح كالسمك ضعيف الذاكرة سهل الصيد، وسننتهي على موائدهم شعوبا وأوطانا تؤكل.