السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

حماية الثقافة.. ومصير الأجيال العربيّة

في يوم من الأيام كانت لدينا ثلاث قنوات في التلفزيون المصري، كانت واحدة للأخبار، كما كانت لدينا قناة ثقافية كنا نشاهد فيها برامج وحوارات فكرية، وكانت هناك برامج لها خصوصية مثل «نادي السينما» و«عالم الحيوان» و«المعارض»، و«المسرحيات».

واليوم لدينا عشرات الفضائيات الخاصة والرسمية لكن لا توجد فيها برامج ثقافية، في حين يوجد في مصر والدول العربية الأخرى عشرات القنوات الرياضية ما بين كرة القدم وكرات اليد والسلة.. إلخ، كما توجد قنوات للطبخ وهي بالعشرات، وحين ينتصف الليل تبحث عن شاشة ثقافية فلا تجد غير حصار ما بين الأقدام والطبخ، وهذه القنوات تنفق عليها الحكومات العربية مليارات الدولارات وتدخل بها أسواق المضاربات في كل شيء.

لذلك ليس غريباً أن تصل أسعار اللاعبين إلى ملايين الدولارات، بينما يعاني المبدعون في كثير من العواصم العربية.

إن هذه الصورة تدعو للأسي حين نجد أجيالنا الجديدة لا تعرف شيئاً عن ثقافتها وتاريخها، لأنها ضاعت أمام فنون هابطة وبرامج تافهة.. لقد كان كاتبنا الكبير توفيق الحكيم يقول: هذا زمان الأقدام وليس زمن الأقلام، وأنا لا أتصور أن تغيب الثقافة عن أمة كانت حديثاً للعالم بكل رصيدها الثقافي والحضاري.

إن غياب الثقافة وسقوط ممالك الفكر على الشاشات جرائم سوف تدفع ثمنها أجيال قادمة، فمن يصدق أن 400 مليون مواطن تجمعهم هذه الأمة لا يجدون زاداً ثقافيّاً يليق بعراقتهم.

كان منتظراً أن تتوجه الأموال العربية إلى صياغة عقول أكثر وعياً، ووجدان أكثر إحساساً، في الوقت ذاته يتفوق الإنسان في مجالات الرياضة، وأن تتنافس الأقدام، وأن تكون متعة الإنسان العربي في فريق يفوز، ولكن عقول الشعوب مسؤولية حكومات ومؤسسات أمينة علي شعوبها، لذلك لا يعقل أبداً أن تكون لغة الأقدام أهم من عقل الأمة ومستقبل شعوبها.

يجب أن نسأل الحكومات العربية كم تنفق على مهرجانات الرياضة، وما نصيب الثقافة والفكر وبناء العقول من ميزانية الدولة، فقليل من الاهتمام بعقل الأمة ينجب لنا أجيالاً أكثر وعياً وفكراً وثقافةً.

لقد أصبح من الضروري الاهتمام بالثقافة، لإنقاذ الأجيال الجديدة، التي يتجه معظمها اليوم إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث المزيد من الحكايات والقصص، وجرائم القتل والزواج والطلاق، ولا مكان للفكر حتى إشعار آخر.