الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

الساحل الأفريقي.. التهريب والإرهاب

الساحل الأفريقي مفتوح على صحراء شاسعة جعلته مع عوامل أخرى، مسرحاً للإرهاب، ويتكون من دول: موريتانيا، ومالي، وبوركينافاسو، والنيجر، وتشاد، وهي دول تعاني الفقر والفساد، وضعف القدرات الأمنية والعسكرية، وهشاشة البنى التحتية، وفسيفساء عرقية معقدة.

أدرك العالَم هشاشة الأمن في المنطقة عندما احتلَّ طوارق انفصاليون وإرهابيون معهم سنة 2012، مناطق واسعة من مالي التي استنجدت بفرنسا، ورغم أن الفرنسيين استعادوا تلك المناطق، فقد تمكَّن الإرهابيون من التمركز في وسط مالي وبوركينافاسو والنيجر.

والآن فشل الفرنسيون بعد ثماني سنوات من الحرب في القضاء على الإرهاب في المنطقة، فـ«عملية سيرفال» العسكرية التي أطلقوها بداية 2013 لتحقيق ذلك فشلت، مع كلفتها البشرية والمادية، و«عملية برخان» التي حلت محلها 2014، والتي لا تزال مستمرة فشلت أيضاً، ورغم العمليات التي قُتِل فيها قادة إرهابيون ومئات من أتباعهم، ورغم مليارات الدولارات التي ضُخَّت في الساحل، فقد تصاعدت عمليات الإرهاب في المنطقة التي شهدت أيضاً اضطرابات سياسية تمثلت في الانقلاب العسكري في مالي 2020، والتوتر في النيجر إثر الانتخابات الرئاسية الأخيرة.


يكلف التدخل فرنسا مليار يورو سنوياً، قُتل خلاله حتى الآن 50 جندياً فرنسياً وآلاف الأفارقة، بالإضافة إلى من ماتوا بسبب الجوع، ونزوح مليوني شخص، ما أثار استياء الفرنسيين من تورط بلادهم في الساحل، كما بيَّن استطلاع أخير للرأي، وأثار غضب شعوب المنطقة أيضاً.


ولتحسين صورتها وتخفيف عبئها، شكلت فرنسا تحالفاً أوروبيّاً، وأنشأ هذا التحالف قوات «تاكوبا» (2020) لمواجهة الإرهاب، لا سيما داعش التي تسلَّلت إلى المنطقة، بعد هزيمتها في العراق وسوريا.

ولتنسيق التعاون الدولي في مجال التنمية ومواجهة تلك المخاطر، شكَّلت دولُ المنطقة 2014 إطاراً، مقرُّه نواكشوط، يسمَّى «مجموعة دول الساحل الخمس»، وأنشأت قوة عسكرية مشتركة 2017.

وفي منتصف فبراير الماضي عقد قادة الساحل والرئيس الفرنسي مؤتمر قمة في إنجامينا عاصمة تشاد، لتقييم الوضع الأمني، واجتمع وزراء دفاع المجموعة مؤخراً في إنجامينا، ورغم ذلك لا يُتوقع حدوث اختراق، ففي 27 فبراير قتَل الإرهابيون 100 شخص في النيجر بالتزامن مع اجتماع قادة أركان جيوش المنطقة لتحضير اجتماع وزراء دفاعهم.

وإذن ستظل المنطقة مرتعاً للإرهاب، ما لم تُتخذ مقاربة تنموية شاملة لتخفيف معاناة شعوبها، مع محاربة الفقر والفساد والبطالة.