الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مشهد ملبد بالأزمات

بات من الواضح أن العالم يفتقد كثيراً في هذه المرحلة حالة التوازن السياسي في ظل مؤشرات على تراجع دور الدول «العظمى»، وسعي دول جديدة للتحول إلى قوى إقليمية خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد حالة اضطراب مقلقة، تترافق مع ارتباك وتشوش في الرؤية الأمريكية التي تنتهجها الإدارة الجديدة التي في سعيها للتعامل مع القضايا الساخنة في الشرق الأوسط وفق آلية مبتكرة تجمع بين التأكيد على حل الخلافات دبلوماسياً وبين التلويح بفرض عقوبات اقتصادية بحق الدول والكيانات والأفراد التي ترفض الانصياع للحوارات السياسية.

ولا يبدو أن تلك السياسية تؤتي أُكُلها، خصوصاً في مواجهة طموحات متصاعدة لجماعات ودول ذات خلفية أيديولوجية لا تؤمن كثيراً بمبدأ الحلول السياسية، بقدر ما تتعامل معها كوسيلة للمناورة أو كاستراحة محارب، يذخر بندقية القتال لتحقيق ما يراه هدفاً «ساميا» لا يقبل التأجير.

وفي مشهد عالمي معقد وملبد بغيوم الأزمات السياسية وآثار جائحة كورونا، وصعود التيارات اليمينية، وعودة أجواء ما يشبه الحرب الباردة، لا يبدو وضع كثير من مناطق العالم أفضل حالاً من الشرق الأوسط، الذي بات اليوم في قلب عاصفة الأطماع المتصاعدة للجماعات الأيديولوجية، والتي تعمل التباينات الدولية على تغذيتها وتأجيجها.


ولا تلوح للمتابع للتفاعلات المتسارعة حول صراعات الشرق الأوسط أي وجهة نظر دولية تشكل مخرجاً آمناً، فسياسة واشنطن المرتبكة لا تزال تتلمس طريقها لاستكشاف وصفة جديدة للحضور السياسي، مع تصاعد مخاوف من تكرار نموذج التوأمة بين أجندات اليسار الليبرالي في الغرب واليمين الراديكالي في الشرق، تحت عناوين أثبتت فشلها في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما التي رحلت وتركت خلفها حطام دول التهمتها نيران الفوضى.


وعلى مقربة، لا تبدو رؤية الاتحاد الأوروبي لحل قضايا المنطقة أفضل حالا، مع غياب الواقعية السياسية وطغيان الشعارات الرومانسية التي تؤكد الشواهد والمعطيات أنها لا تصلح كعلاج لحالات صراع مزمنة ومعقدة ومتشعبة، مثل التي نشهدها اليوم مثلاً في اليمن وليبيا والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول.

وعلى الضفة الأخرى شرقاً، لا تمتلك روسيا مقومات ملء فراغ النفوذ الغربي، حيث يقتصر دورها على محاولات باهتة للحضور في بعض الملفات التي تخدم مصالحها ولا تحدث تحولاً حقيقياً في مسار الأزمات المتصاعدة.

ويبدو أن الموقف الصيني هو أكثر واقعية حتى الآن بالنظر لإعلاء سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، والبحث عن قواسم اقتصادية مشتركة ومستدامة.