الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

فرنسا.. كورونا والعنف الاجتماعي

ظاهرة العنف الاجتماعي كما هي في مُواجهات بين شباب بعض الأحياء واللجوء إلى الأسلحة البيضاء والمسدسات مع سقوط ضحايا، وتعدد جرائم السرقة والهجوم على المحال التجارية.. هذه الأحداث أصبحت ظاهرة يومية في المجتمعات الأوروبية.

ففي فرنسا مثلاً، لا يمر يوم دون أن تجتاح وسائل الإعلام أخبار عن انتشار أعمال عنف اجتماعي في مختلف المدن والضواحي، وهنا يطرح السؤال الآتي: ما دور كورونا في انتعاش هذه الظاهرة؟

في محاولة شرحها وتقليل أهميتها، تحاول الحكومة الفرنسية نسف اتهامها بالتقصير الأمني بالحديث عن إحصاءات وزارة الداخلية، التي أظهرت بالمطلق أن الارتفاع الصاروخي لظاهرة العنف الذي تتحدث عنه المعارضة لا واقع له وأن الأمر لا يعدو انطباعاً يتم تضخيمه من شبكات التواصل الاجتماعي وقنوات الأخبار.


وفي حقيقة الأمر، لم تقنع هذه الاستراتيجية للدفاع عن سياسة الحكومة الأحزاب المعارضة، التي تشن هجوماً عنيفاً عليها متهمة إيّاها بالتقصير في مجال حيوي بالنسبة للفرنسيين، ألا وهو الأمن.


وبالرغم من عدم اعتراف الحكومة بهذه الظاهرة، يعزو بعض المراقبين تطورها الخطير إلى الاحتقان الاجتماعي الذي يعيشه الفرنسيون جراء التجارب الاجتماعية والاقتصادية المريرة التي تفرضها القيود لمحاربة تداعيات كورونا. الحكومة ترفض الإقرار بذلك لأنها تعتقد أن حلولها الاقتصادية للحد من انعكاسات هذه الجائحة كانت صائبة، وتسهم بشكل كبير في حماية المجتمع من جميع أنواع الانزلاقات الأمنية.

والواضح، أن زيادة أعمال العنف في هذا التوقيت، وظهور أماكن وأحياء يصعب على قوى الأمن الولوج إليها يشكلان معطى سياسياً مهماً، قد يتم استغلاله من طرف قوى المعارضة في الحملات الانتخابية المقبلة، لأضعاف أداء حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون في هذا المجال، وإعطاء الانطباع أنه غير قادر على القيام بأحد أهم وأخطر واجباته السيادية ألا وهو أمن الفرنسيين، ويبدو جليّاً اليوم أن المعارضة ستلجأ لخطتين للهجوم على الرئيس ماكرون، والتقليل من حصيلة ولايته بهدف حرمانه من ولاية ثانية، الأولى: الطعن في قدرته على مواجهة جائحة كورونا، ما جعل فرنسا من وجهة نظرها تحتل مراتب غير مشرفة بالنسبة لدول تبنت حلولاً استباقية خففت من انعكاسات كورونا السلبية.

والخطة الثانية تطال الانتقادات حول قدرة هذه الحكومة على معالجة الإشكاليات الأمنية في ظرفية سياسية، يعتبرها المواطن الفرنسي على رأس أولوياته واهتماماته.