الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

النهضة التونسية.. التعري من الشعارات

في معركة «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» تكابد حركة النهضة التونسية ـ من أجل التخفي وراء ادعائها ـ فك ّارتباطها بجماعة الإخوان، وخلف ستار تحولها المزعوم إلى حزب مدني لا صلة تربطه بتنظيم إخواني، ثبت ضلوعه في تخريب أكثر من قطر عربي.

وقبل معركة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، استعملت النهضة كثيراً عداء حزب عبير موسي من أجل الترويج لفكرة مخاتلة قوامها أن كل معارض للنهضة هو في صف عبير موسي، ويستحق الوصف المتسرع بكونه استئصاليّاً وإقصائيّاً ومعادياً لهوية الشعب وإسلامه.

صحيح أن عبير موسي تركزُ كل خطابها السياسي على العداء للإخوان، وتقبضُ مقابل ذلك جمهوراً واسعاً، لكن النهضة لم تقرأ ذلك العداء إلا من زاوية كونه مفيداً لها من حيث تعميمه على كل خصم أو ناقد، لكن هذه القراءة السياسية لا يمكن أن تكون صالحة على الدوام، ذلك أن عبير موسي التي «تبيع الوهم» على حد وصف القيادات النهضوية، تقبض مقابل ذلك الوهم جمهوراً يزداد باطراد.


في دفاعها عن اتحاد علماء المسلمين، حاججت النهضة بالقانون لكنها تغاضت عن تجاوز قانوني أكثر خطورة من تجاوز عبير موسي، حيث أسَّس تدخل ائتلاف الكرامة لفك الاعتصام بالقوة، وتهديد قياداته باستعدادهم لاستعمال القوة، لمنازعة الدولة في حقها الشرعي في استعمال العنف.


استطابت النهضة تدخل ائتلاف الكرامة لأنه يحقق لها إنقاذ اتحاد علماء المسلمين الذي يترأس فرعه في تونس عضو في مجلسها الشورى (عبدالمجيد النجار)، ويحوّل الأنظار عن بحث إرهابية الاتحاد، ويضع ائتلاف الكرامة في موضع المساءلة، وهي هنا تجني الفوائد وتُسعفُ من المؤاخذات، وتراوح موقعها المريح الذي يدعي أنه يحاجج بالقانون.

معركة اتحاد علماء المسلمين الأخيرة وما سادها من مواقف وتصريحات، أثبتت سقوط العديد من المقولات والشعارات.

فالاستقطاب الراهن في تونس اليوم ليس بين ثورة وثورة مضادة، لأن النهضة لا تنتمي للثورة حتى يمكن تصنيف خصومها على أنهم من الثورة المضادة، وهو ليس صراعاً بين المنظومة القديمة والمنظومة الجديدة، لأن النهضة استولت على كل أركان المنظومة القديمة بمؤسساتها وعلاقاتها وإدارتها، بل هو استقطاب بين تيارات تؤمن بالأرضية الوطنية، وحركة لا تؤمن بالدولة ومؤسساتها وإن تسربت داخل كل شرايينها.

ولذلك فإن التَّعاطي النهضوي مع معركة اتحاد علماء المسلمين، قسّمَ جهده بين جناح يمارس العنف الفعلي وهو ائتلاف الكرامة، وجناح يمارس العنف الرمزي والسياسي وهو قيادات النهضة.