الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

اليابان.. عشر سنوات على الزلزال

عشر سنوات مرّت منذ حدوث الزلزال الخطير قريباً من شاطئ المحيط الهادي المحاذي لمنطقة «توهوكو» شمال شرق اليابان، والذي وقع يوم 11 مارس من عام 2011، وكان الأكثر قوّة وخطورة الذي تم تسجيله في تاريخ اليابان. وكانت القوى والطاقات الهائلة وغير المسبوقة المتحررة عنه كافية لاندفاع مدّ بحري مهول «تسونامي» مدمّر، وأدّى إلى حدوث انصهار في جانب من محطة «داييتش» لإنتاج الطاقة النووية، وتسبب الزلزال بمقتل أكثر من 20 ألف ضحية، ولا يزال عشرات الآلاف من اليابانيين يعانون من آثار الصدمة ونتائجها.

وفقاً لكافة المقاييس، يُعدّ هذا الزلزال أكبر مأساة وطنية يشهدها اليابانيون في تاريخهم كله، ولا يمكن مقارنتها إلا بالنتائج الكارثية لهزيمة بلدهم في الحرب العالمية الثانية، وكان لا بدّ للحادث الخطير الذي تعرض له المفاعل النووي أن يذكرهم أيضاً بالمأساة الرهيبة لانفجار القنبلتين الذريتين، اللتين تمّ إلقاؤهما فوق مدينتي هيروشيما وناغازاكي.

وكان عام 2011 استثنائياً أيضاً في مناطق عديدة من العالم، ففي الشرق الأوسط، كان عام الزلازل السياسية التي رافقت ما يسمى «الربيع العربي» الذي دفع بالمنطقة إلى حافة الفوضى التي اهتزّت لها العديد من الأنظمة واحداً تلو الآخر، ولا تزال آثارها الكارثية تتصاعد في أنحاء المنطقة.


وفي اليابان، أصبح العقد الماضي معروفاً باسم «عصر ما بعد الزلزال» أو «عصر ما بعد الكارثة»، ودليل ذلك هو أن جزءاً كبيراً من الموارد الوطنية لليابان تم رصده لرفد الجهود الهادفة لإعادة الأمور إلى نصابها في الأماكن المتضررة من جراء تسونامي وحادث المفاعل النووي.


ولا تزال معظم المشكلات التي برزت في اليابان في ذلك الوقت، قائمة حتى الآن من دون حلّ كما هي الحال في العالم العربي. وبالرغم من كل ما حدث، فإن القافلة تسير حتى لو لم يتعافَ البلد من الكارثة تماماً، وكان لا بد أن تتواصل الحياة وتأتي الأجيال الجديدة لتتحمل مسؤولياتها.

وفي الشرق الأوسط، ظهر إلى حيّز الوجود جيل جديد، وبدأ الفارق يتزايد بين أولئك الذين لا يتذكرون بشكل واضح تفاصيل الانتفاضات المأساوية وانهيار بعض الأنظمة الذي حدث في بداية العقد الثاني، وبين أولئك الذين لم يعرفوا غير الحياة في ظل الحرب والدمار، وفي النهاية، قد لا يتمكن البشر من التغلب على مشاكلهم بأنفسهم.

وربما لا تكمن الحلول إلا في ظاهرة تعاقب الأجيال، فربما يمكن للجيل الجديد أن يحتكم إلى طرق مبتكرة للتغيير واستبدال المفاهيم القديمة بأخرى جديدة، ويمكن القول أيضاً إن الأزمة التالية هي وحدها التي يمكنها أن تحل محل الأزمة القديمة، وها نحن نجد أنفسنا منشغلين بكارثة كورونا في الوقت الذي نفكر فيه بعصر ما بعد انحسار الفيروس، متناسين بذلك الصراعات العالمية التي لا تكاد تنتهي، فضلاً عن مآسي اللاجئين الذين تتزايد أعدادهم كل يوم.