الثلاثاء - 20 مايو 2025
الثلاثاء - 20 مايو 2025

كورونا.. أزمة وعالم متعدد الأقطاب

بعد انقضاء أكثر من سنة على ظهور فيروس كورونا، بكل ما ترتب على ذلك من نتائج وأثمان، وتداعيات كثيرة نعيش آثارها اليوم، تفاجأ معظم الناس بأن تصوراتهم التي شكّلوها عن الأزمة لم تكن صحيحة، خاصة تلك التي كانوا يتوقعون فيها ألا تطول مدتها إلى هذا الحد، وأنّها لن تصل إلى هذه الدرجة من التأثير والعمق والغموض.

وما لفت الانتباه حقيقة في هذه الأزمة، هوعدم وجود إجابات واضحة أو حاسمة أو نهائية من قبل المجتمع الدولي والمعنيين بذلك عن الأسئلة التي تشكّلت لدى الناس، ودارت حول مواضيع كثيرة منها: ما سبب ظهور الفيروس؟ ومتى يمكن الانتهاء من أزمته؟ وكيف يمكن إصلاح وترميم ما أحدثته الجائحة من تغيرات جذرية ومصيرية في حياة الناس؟ ومن سيتحمل الكلفة المادية الكبيرة والباهظة التي نتجت عنها؟ خاصة أنّهم لم يستطيعوا لغاية اللحظة تفسير كيف يمكن للاقتصاد العالمي أن يتحمل كل هذه الخسارات الحاصلة والمتوقع حصولها، والتي انعكست على حياتهم؟ وقد زاد الأمر تشويشاً وتعقيداً أكثر، ذلك الحديث الجاري اليوم عن طبيعة المشهد العالمي الذي سيعقب انتهاء الأزمة، فلا شك أنّ عالماً جديداً سوف يتشكل، ستختلف معطياته وطبيعة تفاعلاته وركائزه الأساسية، عما هو مألوف قبل الجائحة وأثناءها، حيث يجري الحديث اليوم عن وجود ترتيبات يتم الإعداد لها لهندسة عالم ما بعد كورونا، ستتقاطع مع متغيرات كثيرة متوقع حدوثها في طبيعة النظام الدولي الذاهب باتجاه أن يكون متعدد الأقطاب، ومع الموجة الرقمية العالمية التي ستكون عنوان العيش البشري المقبل، ومع نظام اقتصادي ومالي جديد يُطبخ من قبل الفاعلين في العالم ويصب طبعاً في مصلحتهم.

إنّ حالة الشك والخوف وعدم اليقين من طريقة التعامل مع الأزمة عالمياً، والريبة الحاصلة من إمكانية أن تمتد إلى سنوات أخرى وبنفس الوتيرة والسمة وربما أعلى، والجدل الدائر دولياً حول موضوع اللقاحات، تجعل الناس يعيشون في جو من الدهشة وتداخل الأفكار واختلاط المشاعر وسوء التوقعات والتوجسات، الأمر الذي قد يحيلهم إلى نوع من السلبية والعدمية لاحقاً.


لقد مرت على العالم أزمات كثيرة وكبيرة، سواء ما اختص منها بالحروب أو الأوبئة أو الاقتصاد أو الكوارث الطبيعية أو غيرها، لكن أزمة فيروس كورونا تكاد تكون منفردة بكل ما تعلق بها ونتج عنها، لدرجة يمكن وصفها بأنّها علامة فارقة ومؤلمة في تاريخ البشرية.