الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الأردن.. عندما يتدخل الملك

ما أن تجاوزت حكومة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة مرحلة الإقالات والاستقالات، حتى انفجرت في وجهها دون سابق إنذار كارثة انقطاع الأوكسجين في مستشفى السَّلط، لتدخل معها الحكومة في أزمة ثقة حقيقية ستستمر معها لأشهر طويلة، إذا قدّر لها البقاء رغم تجاوزها جلسة المساءلة أمام مجلس النواب.

الارتدادات الشعبية لفاجعة مستشفى السلط في ظل الاحتقان الاقتصادي والاجتماعي الذي أفرزته جائحة كورونا، تمت قراءتها بشكل سريع ودقيق من القصر الملكي، الذي اشتبك مباشرة مع الأزمة، دون انتظار الحكومة التي كانت شبه تائهة في ظل أخطر أزمة صحية تواجهها، كون حدوثها ناتجاً عن إهمال واضح.

حضور الملك عبدالله الثاني الشخصي بمكانته ورمزيته، في موقع الحادث بعد ساعات قليلة من وقوعه دون أي بروتوكولات أو ترتيبات مسبقة، كان أشبه بالأوكسجين الذي أنقذ الموقف وبرد الأزمة، ومنع وصولها إلى مستويات معقدة.


منذ اللحظة الأولى للحادث، سعت تيارات سياسية مدعومة بماكنة إعلامية داخلياً وخارجياً إلى الاستفادة من الحادث، باعتباره فرصة مواتية في ظل حالة الضغط التي يعيشها المجتمع الأردني جراء الظروف المعيشية الصعبة التي فرضها كورونا، فحاولت هذه التيارات تأجيج الشارع ليكون مستشفى السَّلط شرارة العودة إلى «الحراكات الشعبية»، ورفع سقف المطالب، خاصة في ظل وجود إدارة أمريكية جديدة يعتقد البعض أن لديها أجندة فيما يتعلق بالأنظمة السياسية بالمنطقة.


التبريد الملكي للأزمة واحتواء غضب الشارع أنقذ الموقف، وخفف من ارتدادات الأزمة، إلا أن الحكومة التي لم يمض على تشكيلها سوى خمسة أشهر مرت بمطبات وأزمات متلاحقة أفقدتها القدرة على كسب ثقة الشارع، خاصة أن صعوبة المرحلة تتطلب قرارات وإجراءات غير شعبية ومؤلمة أحياناً، وهذا كله لا يمكن أن يتم بلا ثقة متبادلة بين الناس والحكومة.

حكومة بشر الخصاونة أصبحت اليوم بلا مظلة شعبية، وليس أمامها سوى العمل على الخروج بآليات عمل تعدل من مسار العمل العام وتعيد جزءاً من الثقة المفقودة، عبر إجراءات وسياسات تخفف من الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها الأردن، لا سيما أن الحكومة جاءت أصلاً تحت عنوان التعامل مع ملف كورونا ومعالجة تداعيات الجائحة.

باختصار، فإن التدخل الملكي المباشر في بداية الأزمة كان بمثابة صمام الأمان الذي فكك عُقد الأزمة قبل أن تتشابك وتتشعب.