الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

هاجس الجبهة الداخلية

«تقوية الجبهة الداخلية» لمواجهة المؤامرات الخارجية والداخلية.. عبارة تتردد كثيراً في البلدان العربية خلال الأزمات، وفي ظل فشل الأنظمة في الاستجابة للمطالب الشعبية، وهي كلمة حق، إذ تعد الجبهة الداخلية المتماسكة حصن الدفاع الأول عن الاستقرار والسيادة، لكن عجز الأنظمة عن تحقيق التنمية والرفاهية الاجتماعية وحتى الديمقراطية السياسية، جعل المواطنين يشمئزون من سماعها، ويعتقدون أنها شماعة للتهرب من تحمل المسؤولية.

في الجزائر ظلت هذه العبارة تتكرر منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي عرفت عدة حركات احتجاجية في ظل النظام الاشتراكي، مثل أحداث منطقة القبائل في أبريل 1980 والمظاهرات الوطنية في 5 أكتوبر 1988، ثم الأزمة السياسية عام 1990 وصولاً إلى الأزمة الأمنية في الفترة 1992-2000.

ويأخذ مفهوم الجبهة الداخلية عدة تسميات، منها «الجدار الوطني» الذي أطلقه الراحل محفوظ نحناح، وعاد للظهور مؤخراً مع الحراك الشعبي الذي يرى بعضهم أنه انتهى مع الانتخابات الرئاسية شهر ديسمبر 2019، بينما يرى آخرون أنه لا يزال مستمرّاً حتى تحقيق كافة مطالبه.

وهكذا عاد مفهوم الجبهة الداخلية بقوة، من قبل السياسيين وحتى المؤسسة العسكرية التي نظمت ملتقيات فكرية لهذا الموضوع، بالتزامن والحديث عن «الحرب الإلكترونية» التي تستهدف الجيش تحديداً من خلال نحو 500 موقع إلكتروني في الخارج.

في هذا السياق أشرف مستشار الرئيس تبون المكلف بالمجتمع المدني على إطلاق مبادرة «تكتل نداء الوطن» الخاص بجمعيات المجتمع المدني، لـ«مواجهة التحديات الراهنة لتعزيز التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني، وتأكيد التلاحم بين الشعب ومؤسسات الدولة، والوقوف في وجه المؤامرات التي تستهدف استقرار البلاد والوحدة الوطنية».

وقد خلق هذا جدلاً واسعاً، حيث ربطها البعض بسياسة بوتفليقة في التحالفات، وقال آخرون: إنها بديل للأحزاب السياسية، فيما يرى فريق ثالث أن الرئيس يسعى لإنشاء حزبه الخاص، ووصفت بأنها استنساخ لتجربة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي تم إنشاؤه قبل تشريعات 1997 وفاز بأغلبية مقاعد البرلمان.

ومثلما فعل زعيم الإخوان محفوظ نحناح في التسعينيات، يسعى رئيس حركة البناء الوطني الإخوانية عبدالقادر بن قرينة إلى إطلاق مبادرة لـ«أنصار الحلول الدستورية»، دفاعاً عن المؤسسات الدستورية، لمواجهة ما أسماه «الأقلية المنظمة» التي تطالب بمرحلة انتقالية تبدأ برحيل الرئيس، وستأخذ المبادرة شكل «تحالف انتخابي أو سياسي».

ومع ذلك، فإن الجبهة الداخلية ستبقى مرهونة بشرعية النظام عن طريق الصناديق، أو مشروعيته بتحقيق الإنجازات.