الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

التغريبة اليمنية.. حنين القصص والقصائد

على مدى تاريخه، كان ولا يزال اليمن بيئة صراع مستدام، لا تبدو فترات الاستقرار فيها إلا كجزء مقتطع من تاريخ حافل بالحروب والنزاعات، وهو الأمر الذي خلق في نهاية المطاف ما يمكن أن نطلق عليه «التغريبة اليمنية» التي صورتها المخيلة الأدبية اليمنية، وأمعن الشعراء في رسم تفاصيلها كثنائية من الحنين للوطن وعدم القدرة على التعايش مع أمواجه العاتية الطاردة.

وقد خلقت بيئة اليمن غير المستقرة، نوعاً يكاد يكون مستقلاً بذاته في الأدب اليمني، من خلال النصوص السردية والشعرية التي تطرقت لرحلة الاغتراب التي كابدها كثير من اليمنيين، والتي عبر عنها الروائي اليمني البارز محمد أحمد عبدالولي في روايته الشهيرة «شيء اسمه الحنين» التي يقول فيها على لسان أحد أبطال الرواية: «نحن اليمانيون مكتوب علينا أن نهاجر ونهاجر.. بلادنا ليست لنا».

وقد جسد عبدالولي في العديد من أعماله السردية، معاناة المهاجرين وصور في تلك الأعمال مرارة الاغتراب وحسرات الحنين إلى الوطن الذي لا مناص من الابتعاد عنه ولا مفر من العودة إليه، في تعبير صارخ عن فلسفة الهجرة لدى اليمنيين الذين يغادرون ذات يوم حاملين معهم حلمهم في العودة، لكنهم «يشيبون عند الفجر» وكثيراً ما «يموتون غرباء» كما يصفهم عبدالولي في روايته القصيرة التي تحمل العنوان ذاته، والتي حاول من خلالها وعبر أعماله الأدبية الأخرى تقديم صورة مكثفة لرحلة التغريبة اليمانية، وكما هي حال السرد اليمني الذي أخذت قضية «الهجرة» حيزاً كبيراً منها، حفل الشعر اليمني كذلك بموضوع الغربة، وبرزت كثير من النماذج التي قدم فيها الشعراء اليمنيون صوراً من معاناة الاغتراب، وفي طليعة الشعراء اليمنيين الذين احتل موضوع الغربة والحنين إلى الوطن القسم الأبرز من أعمالهم الشعرية، الشاعر الكبير محمد محمود الزبيري الذي يقول في إحدى قصائده متحدثاً عن آلام الغربة وقسوتها:


ليس في الأرض للغريب سوى


الدمع ولا في السماء غير الأماني

وفي صورة أخرى محتشدة بمشاعر الحزن والحنين، يصور شاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني حواراً شعرياً بين مهاجرين يمنيين في قصيدته «غريبان.. وكانا هما البلد» التي يقول في نهايتها، مقدماً صورة تشبه حال اليمن اليوم:

وفوق ذلك ألقَى ألف مرتزق

في اليوم يسألني ما لون معتقدي

بلا اعتقاد.. وهم مثلي بلا هدف

يا عمّ.. ما أرخص الإنسان في بلدي