الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

اليمين الفرنسي المتطرِّف.. وتصدُّر المشهد

قبل ربع قرن كانت أفكار وطروحات اليمين المتطرف الفرنسي تعشعش في بعض الأوساط السياسية الضيقة، التي كانت تحمل حنيناً للاستعمار الفرنسي في الجزائر، أو من بقايا الجزئيات السياسية التي كان لها تعاطف مع الحرب الألمانية ضد الفرنسيين.

اليوم فرنسا تشهد صعوداً ملحوظاً لليمين المتطرف، وخير دليل على ذلك تهافت وسائل الإعلام الفرنسية على مختلف قيادات هذا اليمن لاستضافتها، ومنحها أقوى المنصات والنجاحات التي تحققها هذه البرامج.

هذا الاهتمام الشعبي بطروحات اليمين المتطرف يشكّل أهم مستجدات الحياة السياسية الفرنسية منذ سنوات، فاليمين المتطرف الذي كان في الماضي ظاهرة مرضية في المشهد السياسي الفرنسي لكونه كان يعكس ميول أقلية من المجتمع الفرنسي أصبح الآن يتصدر خيار السياسة الفرنسية.


في الانتخابات الرئاسية السابقة وصلت زعيمة اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية من هذه الانتخابات أمام الرئيس إيمانويل ماكرون، واليوم غالبية استطلاعات الرأي تتنبأ بأدوار نهائية مماثلة في الانتخابات المقبلة للعام المقبل 2022.


الجديد هذه المرة يكمن في الشروخات التي تعيشها الأحزاب التقليدية، التي عادة ما كانت تتجنّد فيما يسمى إعلامياً بالجبهة الجمهورية لإقامة سياج منيع أمام وصول اليمين المتطرف إلى السلطة. في محاولتها لتفادي سيناريو عام 2016 بعض الأحزاب اليسارية قالت علناً: إنها لن تطلب من قواعدها التصويت للرئيس إيمانويل ماكرون في حال منازلته مارين لوبين، الأمر الذي أيقظ كابوس إمكانية وصول اليمين المتطرف إلى قصر الإليزيه.

في الماضي كان هناك حديث عن عدم قدرة هذا اليمين على تكسير سقف الزجاج، الذي يحدُّ تقليديّاً من تمدده انطلاقاً من قناعة تقول: إن اليمين المتطرف لن يستطيع استقطاب واحد وخمسين في المئة من الفرنسيين، لكن هذه المرة، ومع فشل الحكومة الحالية في الاستجابة لتطلعات الفرنسيين الأمنية والاقتصادية وتفتت الجبهة الجمهورية، أصبح اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين يعتبر أن الطريق إلى قصر الإليزيه معبّدة أمامه.

مارين لوبين أيقونة اليمين المتطرف تتحدث بكل ثقة عن حظوظها هذه المرة في الفوز بالسباق الرئاسي، وفي الوقت الذي كانت مثل هذه المواقف تثير نوعاً من السخرية والاستخفاف في الماضي، فإن أقطاب المشهد السياسي والإعلامي يأخذون اليوم على محمل الجد هذه الفرضية، أي أن يقتحم اليمين المتطرف قصر الإليزيه ويسْتولي على السلطة.