الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«ما بعد كورونا».. ماذا سيبقى للإنسان؟

لا يستطيع أحد أن يحدد صورة الحياة بعد أن تختفي أشباح كورونا.. وهل يمكن أن تختفي فِعْلاً أم إن آثارها سوف تبقى تطارد الناس حتى في نومهم؟

ومن الخطأ أن يتصور البعض أن كورونا حدث عابر أو أنه يمكن أن يدخل دائرة النسيان، لأن الملايين الذين أصيبوا أو رحلوا سوف تبقى صورهم في ذاكرة الأجيال القادمة.

ولكورونا اليوم للعالم آثار كثيرة، منها مثلاً: انتهاء زمن المصافحة والمشاعر، وسيادة حالة من البرود الشديد في العلاقات الإنسانية.. وهذا يؤكد أن عالم ما بعد كورونا سوف يكون أقل ألفة، وأن تلال الجليد التي اجتاحت مشاعر الناس سوف تحتاج إلى وقت طويل حتى تذوب، لتسترد المشاعر مكانتها في القلوب.


كما أن حالة «الجفاف العاطفي» التي تركها كورونا سوف تحتاج إلى وقت طويل، ولا أدري هل يخرج الإنسان من هذه المحنة أكثر رحمة أم أكثر قسوة؟


ومن أخطر ما جاء به كورونا ظهور حالة من الخوف اجتاحت قلوب البشر، الخوف من المرض، والخوف من الموت، والخوف من الوحدة، وقد تعيد هذه المخاوف الإنسان إلى ربه، فيغدو أكثر إيماناً ويقيناً، ويراجع كل ما ارتكبه في حق نفسه.

من ناحية أخرى، سوف يترك كورونا حشوداً جديدة من الفقراء، الذين فقدوا أعمالهم، وسيفتح أبواب الثراء لحشود أخرى من الأغنياء الذين استفادوا من الكارثة، وجمعوا أموالاً كثيرة مثل تجار الحروب.

لا أعتقد أن الإبداع سوف يبقى كما كان، لأن كورونا ترك تحولاً خطيراً في مشاعر البشر، وقد نرى إبداعاً جديداً مختلفاً، ولكن العالم سوف يشهد أشكالاً جديدة حائرة ما بين الأديان والعلم.

وقد يكون الحب أهم ضحايا كورونا أمام حالة جفاف إنساني تغيب فيها المشاعر، وسوف يقف الفن حائراً بين الحلم والحقيقة، لأن رصيد الأحلام سوف يتراجع، ويقف الإنسان أمام حقائق أخرى عن الحياة والموت، وهي أشياء نسيها الإنسان في زحمة الصخب والضجيج نحو التقدم.

وسوف يعيد الإنسان حساباته مع نفسه، وماذا بقي من إنسانيته وإصراره على الحياة بعد رحلة قاسية مع كورونا وتوابعه.

إن الإنسان بعد كارثة كورونا لن يكون ذلك الإنسان قبلها، لكن لا أحد يعلم: هل سيكون أكثر رحمة بعد الحروب التي خاضها والسجون التي أقامها والدمار الذي شهدته المدن والعواصم أم العكس؟ وكيف سيكون بعد بحار الدماء التي غطت وجه البشرية فازداد الأثرياء سفهاً وأزداد الفقراء جوعاً؟ وهل تعود مواكب العدالة مرة أخرى إلى عالم ضيَّعه القهر والظلم والاستبداد؟