الأربعاء - 21 مايو 2025
الأربعاء - 21 مايو 2025

ملوك الطوائف في أمريكا

يا لها من وظيفة مذهلة: المعلم الروحي، أو مدرِّب الحياة، إنه شخص يقول إن وظيفته هي تدريب الآخرين على الحياة، وبالطبع يجري مع ذلك استخدام عبارات من نوع «اكتشاف ذاتك الحقيقية»، «استخراج القوة العملاقة من داخلك»، «طرد الخوف والقلق والسيطرة على الحياة».

يسمَّى القادة الروحانيون «الغورو»، وفي الولايات المتحدة يحظى هؤلاء بفرصٍ كبيرة، وحسب مناضل عقلاني يدعى «ريك روس»: «إذا كنت زعيم طائفة فتعال إلى أمريكا، وإذا أعلنت عن تأسيس دين جديد فستكون لك الحماية، وسيجري إعفاؤك من الضرائب»، من هنا أصبح «الغورو» هم ملوك الطوائف الجدد، إنهم ينشؤون أدياناً ومذاهب، ويستقطبون أتباعاً ومؤمنين، وهم يحصلون مقابل ذلك على الكثير من المكانة والأكثر من الأموال.

في عام 2021 بث التليفزيون الألماني «DW» الوثائقي المثير «أنبياء أمريكا الجدد، البحث عن السعادة بأي ثمن».


بذلت «فلورا ديسبونتس» و«غاري غرابل» جهداً كبيراً من أجل إبراز بعض جماعات «حركة العصر الجديد»، وسوف يندهش المشاهد حين يرى فتاة تدعى «يونيكول» تزعم أنها مخلوق فضائي، وأنها هبطت في جسم إنسان، وقد كلفها الفضائيون بتأسيس ديانة جديدة في عام 2012، وسوف يندهش المشاهد أكثر حين يرى أعداد المؤمنين بها، والمعتنقين لدينها، والذين يذهب بعضهم إلى صحراء نيفادا لمخاطبة الفضائيين هناك من خلال عملية التخاطر!


يعرض الوثائقي أيضاً معلمة روحية أخرى تتواصل مع الكائنات الفضائية، وقد أسست ديناً يمكن تسميته «اليونية» حيث ترى هي وأتباعها أنهم سوف ينقذون الكوكب ببركة «يوني»، وحينئذٍ يكون «الفرح الخالص»، وفي كل صباح أحد يصلّي هؤلاء ليوني قائلين: «روح يوني في داخلي، روح يوني لطيفة، نحن أعظم من البشر»، وتحصل مؤسسة الديانة على آلاف الدولارات شهرياً من بيع المنتجات الدينية على موقعها الإلكتروني.

ثمّة ثالث يدعى «ديوريك شامان» أسس «دين الفودو»، قال إن جدته القادمة من هاييتي قد أبلغته بهذا الدين، وطلبت منه نشره بين الناس، تتضمن الطقوس الصراخ من أعماق الجسد بصوت مرتفع للغاية، ثم الضحك الهيستيري الصاخب، ثم الارتعاش البدني من أجل ضبط كهرباء الجسد، ثم يكون الشكر «شكراً لك يا رب، شكراً يا أرواح النور».

أصبح مؤسس الطائفة بالغ الثراء، وفي كل عام يُقام حفل سنوي كبير في فيلا فاخرة في لاس فيغاس يحضرها نجوم هوليوود.

هناك أيضاً «جيمس آرثر» الذي جمع (10) ملايين دولار من العمل الروحي، ثم دخل السجن ثم عاد إلى الأضواء، وهنك كذلك مؤسس «طائفة نيكسيام» الذي حُكم عليه بالسجن (120) سنة بتهمة العمل القسري والاتجار بالجنس.

حسب «ريك روس» لـDW: «يجب العمل على إيقاف غسيل المخ هذا، وكشف كل ما يحدث، وتوعية الناس، وتحرير الأشخاص الذين يقعون في براثن الغورو المتلاعبين».

إن أمريكا لا تعاني صعود اليسار أو النَّازية أو الجماعات المسلحة فحسب، فهناك أيضاً الهيبيون الجُدد، حيث الفراغ والانكسار والعدم.