الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

لبنان.. السقوط والحافة

كلما استمعت إلى أحد السياسيين اللبنانيين تقفز إلى ذهني الحكمة القائلة: «إذا لم تكن جزءاً من الحل، فأنت جزء من المشكلة»، فالجميع بلا استثناء يطالبون بإيجاد حلول للوضع السياسي والاقتصادي ويحذرون من الانهيار، رغم أن المحذرين أنفسهم هم أصحاب القرار.

رئيس الجمهورية يهاجم رئيس الوزراء المكلف ويطالبه بالتأليف الفوري لحكومة إنقاذ وطني، أو أن يفسح المجال أمام كل قادر على التشكيل الحكومي، والأخير يرد عليه بالمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، ولتكتمل الصورة يخرج أمين عام «حزب الله» ليحذر من الانزلاق إلى الحرب الأهلية، وكأن لبنان ينقصه هذا المنزلق الخطير.

لبنان اليوم محاصر بثلاث أزمات كبرى، هي الوضع الصحي نتيجة تفشي فيروس كورونا، وتدهور سعر صرف الليرة وانعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادي المتردي أصلاً، إلى جانب عقدة تشكيل الحكومة، وهذه الأزمات إذا ما استمرت لفترة أطول قد تؤدي إلى مآلات وعواقب وخيمة، فالاحتقان الاجتماعي جراء الظروف المعيشية الصعبة يشكل فتيلاً جاهزاً لإشعال كارثة حقيقية، تعيد لبنان إلى أجواء ما قبل اتفاق الطائف.


سياسيو لبنان متعنتون وينظرون إلى المكاسب الحزبية والطائفية نظرة مستندة إلى مبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان»، مع أن هذا الطوفان لن يرحمهم إذا جاء، إلا إذا كان رهانهم على «شنطة السفر» والهرب من القارب قبل الغرق النهائي، ليدفع الشعب اللبناني ثمن تشبث البعض بكراسيهم ومصالحهم.


لبنان يقف على حافة السقوط، وكل المؤشرات تؤكد أن الحلول ليست قريبة المَنال، والدولة بكافة أطيافها تترنح في الجولة الأخيرة قبل الذهاب إلى «جهنم»، بحسب وصف رئيس الجمهورية عندما سئل إلى أين ذاهب لبنان؟ وبغض النظر عمّا ستسفر عنه لقاءات سعد الحريري مع ميشال عون، وحتى لو تم تشكيل الحكومة، للهروب من ضغوط العواصم الكبرى فإن الوضع لن يتغير، لأن المشاكل متجذرة بشكل يصعب معه على حكومة منقسمة وموزعة بين أطياف سياسية متناحرة إيجاد حلول مرضية.

ما يحدث في لبنان من انقسام إشكالية لا يملك اللبنانيون لها حلاً، فكل الأطراف جزء من المشكلة، ولا أحد منهم يبحث عن حل وطني بقدر ما يبحث الجميع عن مصالحهم الضيقة، لذلك فالحل الدولي أصبح ضرورة لمنع سقوط الدولة، حتى لا يتم تحويل بيروت إلى عاصمة جديدة من عواصم الخراب والفشل، وعندها لن يقف الأمر عند حدود لبنان فقط، والعاقل مَن اتعظ !