الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

العالم.. الحاجة للوئام والسلام

من خلال التعمق في منطق الغموض البشري ومكوناته، والتعمق في سيكولوجية الثورة الفكرية، قد ييأس العقل في البحث عن القدرة على التمرد ورفض الاستسلام، لمجرد محاولة أن يكون الفرد إنساناً بكل معاني وجودية الكلمة، في عالم أصبح جحيماً غير متسامح بمزيد من الوحشية على طريقة منطق «الثنائية ضد الآخر» و«الظلم المتعدد القائم»، على المستوى النظري والفكري.

حيث أصبح الجميع يمارس النفاق الفكري، ويرفضون اللاإنسانية كفكرة، ويتقبلونها كفعل بعيون مغلقة، والمشكلة بالتحديد أن الحضارة الحديثة قد وعدت الإنسان بأن كل آلامه ستنتهي، بل ستحقق له أقصى درجات التقدم والسعادة القصوى، ومع ذلك فشل هذا الوعد ولكن لا يزال الإنسان المعاصر يعتقد أن هدف الحياة هو السعادة.

أي أن تحقيق أقصى قدر من المتعة وإشباع أي رغبة أو حاجة شخصية للحياة وفقاً لمذهب المتعة الجذرية، وهو مجموع الملذات التي تحقق أقصى إشباع للإنسان، ولا يزال الإنسان المعاصر يرى أن الأنانية هي حيوية السعي وراء المصلحة الشخصية والجشع، وهما من الخصائص التي تولدها النظم الاجتماعية لإدارة شؤونها، إيماناً منها بأنها تؤدي إلى نجاحها.

قد أصبح البشر نسخاً متطابقة، فلا تبحث عن اختلاف في طريقة عيشهم ورؤيتهم للأشياء، ولا يمارسون طقوساً تلقائية من الفرح أو الحزن، فقد فقدوا رسالة الحب على الطريق، ورفعوا راية الصراع والتناحر في كل ركن من أركان الأرض، فقد تبنوا ثقافة صناعة الموت حتى تحول العالم إلى جحيم دنيوي مقفر.

بات الطريق إلى «اليوتوبيا» يمر عبر حالات، وكيانات وجودية يجب على الإنسان أن يتعمق في فهمها، ويسعى إلى الرقي بها حتى لا يضل الطريق، كالتعمق في مفهوم الإنسانية والتي تخضع لسلطة الأخلاقيات، والمشاعر، والهدف من الحياة وغيرها من الحالات الوجودية التي تحدد قيمة الإنسان ومدى وفائه للرسالة الكونية التي تتمحور حولها حياة البشر.

لقد حصر الإنسان الرسالة في المجهول أو ربما تجاه العدمية، لذلك فهو الآن بحاجة إلى إنسانيته، فهو لم يخلق شريراً بطبيعته، لكن يوجد فيه ازدواجية بين الأنا الصالحة والأنا الشريرة، أو ما يسمى بحوار الأرواح، حيث تتقلب الأفكار والمواقف بين الثورية والسلبية.

وبالسبر في أغوار المعرفة الإنسانية، نجد أن العالم يطلب من المرء أن يكون شخصاً منحازاً لأفكاره ومبادئه التي تنبثق من عالم الفضيلة دون أن يتنازل عن حقه على نفسه، دون إدراك أن العالم في أمس الحاجة للوئام والسلام، لطمأنة الأنام بدفء الكلام.