الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كورونا.. ومستقبل ماكرون السياسي

تكتسي الخطوات التي اتّخذتها الحكومة الفرنسية لمواجهة كورونا أبعاداً مجتمعية وصحية، لأنها تهدف أساساً للحد من انتشار هذا الوباء والاستعداد للخروج من المحنة، لكن أيضا تكْتسي أهمية سياسيّة خاصة بالنسبة للرئيس إيمانويل ماكرون، الذي دخل وفريقه السياسي في حقبة استقطاب الفرنسيين لولاية ثانية.

فبعد أن أرغمت حكومة جان كاستيكس باتخاذ تدابير الإغلاق التام لمدَّة أربعة أسابيع، ارتفعت أصوات معارضة في المشهد السياسي الفرنسي لتوجيه اللوم للرئيس ماكرون، تعيب عليه عدم اتِّخاذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب وتضع على مسؤوليته مختلف الأزمات، التي واجهها الفرنسيون، انطلاقاً من غياب الكمامات في بداية هذه المحنة، مُروراً بغياب الفحوصات، وانتهاء بغياب اللقاحات الكافية.

وفي انتقاداتهم لأداء الرئيس ماكرون، يستشهد المعارضون بنماذج دولية ناجحة في هذا المجال مثل النماذج الإماراتية والمغربية والإسرائيلية والبريطانية، فهذه الدول استطاعت تنظيم حملات تلقيح ناجحة في وقت قياسي وبفاعلية عالية المستوى جعلت من إمكانية خروجها من مستنقع كورونا احتمالاً وارداً في أقرب الآجال.


وتخيم على بعض الأوساط الإعلامية والسياسة الفرنسية قناعة بأن الرئيس ماكرون يلعب مستقبله السياسي من خلال إدارة هذه الأزمة مستشهدين بالتجربة التي عاشها مؤخراً الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي حرم من ولاية ثانية بسبب إدارته الكارثية لملف جائحة كورونا.


الفرنسيون قد يكافئون ماكرون إذا استطاع إخراجهم من عنق الزجاجة بأقل الخسائر الاقتصادية والمعنوية وقد يعاقبونه إذا أظهرت خياراته أنه غير قادر على مواجهة وإدارة أزمة كورونا معظم استطلاعات الرأي تشير إلى أن المعركة النهائية في الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون عبر منازلة ثنائية بين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون وأيقونة اليمين المتطرف مارين لوبين، ولهذه الأسباب نجد رموز هذا اليمين المتطرف يقصفون بالمدفعية الثقيلة الخيارات الصحية والاجتماعية التي تتخذها الحكومة، معتبرين أنها لا ترقى إلى مستوى الأخبار والتحديات التي تواجه فرنسا، ويقولون للناخب الفرنسي: «لا يجب أن تجدد ثقتك في رجل فشل في تأمين حمايتك من وباء قاتل، جعلك تدفع ثمناً اقتصاديّاً ومجتمعيّاً بالغ الخطورة». خلافاً لكل التوقعات سيكون وباء كورونا اللاعب الأساسي، الذي سيحدد هوية الفائز في كل الاستحقاقات الانتخابية التي تستعد لها دول الاتحاد الأوروبي في إطار إنعاش وتجديد مؤسساتها الديمقراطية.