الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

نعيش نعيش ويحيا الوطن

التشدق بالوطنية والمبالغة فيها في كل أمر وحول كل شأن ورداً على أي جواب ليس بالوطنية، وإنما شوفينية تقود للنازية كما فعل هتلر من قبل، وللفاشية كما قاد موسوليني، وكما وصفها الكاتب الانجليزي صمويل جونسون «بالملاذ الأخير للأنذال أو الخونة».

الوطني الحقيقي والصادق بوطنيته هو من يخدم وطنه ويعمل صامتاً من أجله، وإن تحدث به اكتفى بالرمزية المعتدلة ولم يبالغ، محدثاً نفسه قبل غيره، غير مملٍ على الآخرين سبل حبهم لأوطانهم، ولا فارضاً عليهم نهجاً ليسيروا عليه وخلفه.

يحكى أن رجلاً يدعى قيطون كان يعمل كحارس خزينة في الدولة العباسية، فإذا سرق من خزينة الدولة شيئاً، مشى في الأسواق وهو يتظاهر بالتسبيح والورع، ومن هنا وكما يقال بات من المعروف القول: «إذا سبح القيطون فقد همّ بسرقة، فلا تأمن القيطون حين يسبح»، ليتحور لاحقاً اسم قيطون ليطلق على الثعلب لكونه يسرق الدجاج والطيور.


عادة ما يردد أحدهم «نموت نموت ويحيا الوطن»، فما يقوم به ويفعله يسهم في تدمير الوطن وتأخره، ليس فقط في مناوأته واعتراضه أيا كانت أسبابه وذرائعه، وإنما في عدم إخلاصه في عمله، وتحايله على القوانين في سبيل مكاسب شخصيّة، والتغاضي عن الأخذ بزمام المبادرة في سبيل الإصلاح، مع الاستمرار في سلوك «لماذا ينبغي علي أن أبدأ بالتغيير؟»، علماً أن الشعار بذاته خطأ، فالوطن على قدسيته وعظمة مكانته ليس بأغلى من أرواح مواطنيه، والعكس صحيح، فبكليهما مجتمعين، يعيش الوطن والمواطن بما عليهما من حقوق وواجبات.