السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الصين تعيد رسم المنطقة

بتوقيع اتفاقية التعاون بين الصين وإيران، تواصل بكين توجهها نحو الشرق الأوسط بشكل ممنهج ومدروس، بعيداً عن الإثارة الإعلامية أو إظهار الأمر وكأنه تحدٍّ لقوى النفوذ التقليدية في المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا.

تغلغل الصين في المنطقة ليس وليد اللحظة، بقدر ما هو استفادة واقتناص لفرصة تراجع الدور الأمريكي منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وقد بدأ التوجه الصيني مع إعلان مبادرة الحزام والطريق عام 2013، ومن ثم إصدار وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية في عام 2016، إذ عملت بكين خلال الأعوام الماضية على توثيق علاقاتها الاستراتيجية مع أغلب دول المنطقة.

التوجه الصيني هذا رافقه توجه روسي، إلا أن كلاً من البلدين اتخذ مساراً مختلفاً نوعاً ما، ففي الوقت الذي تسعى فيه بكين إلى التركيز على الاقتصاد والتنمية وربط اقتصادات الدول باقتصادها، عملت موسكو على التدخل عبر مزيج من العمل العسكري والاقتصادي.


الواقع السياسي يؤكد أنه كلما تراجعت واشنطن خطوة إلى الوراء في سياستها تجاه الشرق الأوسط حلت محلها قوى أخرى، لما للإقليم من أهمية جيوسياسية واقتصادية تؤثر في الاقتصاد العالمي ككل.


المسار الصيني مسار يركز على التنمية ومشاريع البنية التحتية الرامية إلى ربط أسواق منطقة الشرق الأوسط وأوروبا مع الصين، بشكل يصعب على أي قوى دولية التأثير معه في النفوذ الصيني، وهو نفوذ يتخذ من التجارة والعلاقات الاقتصادية طريقاً ليتعزز مكانة كقوة رئيسية تنافس على زعامة العالم.

وفي ظل العلاقات المتوترة بين واشنطن وبكين، فإن القلق الأكبر يأتي من الصمت الروسي إزاء التوسع الصيني في المنطقة، فتصادم المصالح بين موسكو وبكين واضح تماماً، وكلا البلدين يسعيان إلى تعزيز نفوذهما، وخاصة روسيا التي غرقت في الصراعات العسكرية، واستثمرت فيها بشكل لا يمكن معه التخلي عن المكاسب التي حققتها نتيجة تدخلاتها العسكرية.

في الشرق الأوسط، يبدو أن أوروبا هي أكبر الخاسرين، وأمريكا تدفع ثمن التخلِّي عن المنطقة، حيث بدأت دولها تدرك تماماً ضرورة عقد تحالفات وشراكات بعيداً عن واشنطن وتقلبات سياستها، فيما بكين وموسكو تواصلان ترسيخ نفوذهما، والذي قد يصل إلى مرحلة التصادم في فترة لاحقة.

باختصار.. فإن التنافس على منطقة الشرق الأوسط هو تنافس محموم على زعامة العالم، والخروج من سياسة القطب الواحد.