السبت - 12 أكتوبر 2024
السبت - 12 أكتوبر 2024

الفلسفة.. وإعادة الصِّيَاغة

هنالك انتقادات عدة توجّه للفلسفة، منها: أن لا أهمية لها تُذْكر في الواقع، فهي عبارة عن تنظير لفظي ومصطلحات يلفها الغموض والإبهام، وتتناولها النخبة المفكرة، ولا يفهمها رجل الشارع.

جانب من تلك الانتقادات صحيح، لكن ‏حدثت هناك تحولات كبرى في الفلسفة وطبيعتها وموضوعاتها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث تراجعت المذاهب الفلسفية الشمولية ذات الطابع التجريدي، وأصبحت الفلسفة أكثر التصاقاً بالإنسان وواقعه، وأضحت ذات لغة واضحة ومفهومة من الغالبية، وتتناول قضايا الإنسان ومشكلاته اليومية، وهذه النقلة النوعية في طبيعة ‏الفلسفة ووظيفتها، لا بد أن تشق طريقها في واقع الفكر والثقافة العربية.

وفي الحقيقة كانت هناك رموز فلسفية وفكرية، من أمثال د. زكي نجيب محمود ود. فؤاد زكريا اللّذيْن ربطا الفلسفة بقضايا الإنسان العربي الفكرية والثقافية، لكن مع رحيلهما لم تبرز أقلام فلسفية جادَّة تسير على نهجها، وتعبر عن روح التحولات الجارية في العالم وانعكاساتها على الثقافة العربية.


اليوم، يعيش العالم العربي مرحلة تحولات جديدة، من أبرز مظاهرها: الآثار التي تتركها التطورات التكنولوجية والتحولات الاجتماعية في عدد من البلدان العربية المؤثرة، وتراجع وتيرة المد الأصولي، والفراغ الفكري الناتج عن ذلك.


إذْ يُمْكن من خلال الفلسفة ‏إعادة صياغة طرق التفكير السائدة عبر نقدها وتطويرها ومحاربة الإقصاء والتطرف والتعصب ونشر قيم التسامح والتعايش، والاختلاف، وإعادة صياغة القيم الأخلاقية، وتطوير الهوية، وتحديث الخطاب الديني بروح مدنية حديثة، فنحن بأمس الحاجة إلى هذه القضايا.